أرشيف موقع الجامعة

 

 

قبل أوت 2022

 

مداخلة السيــــــاســــــة التعـــــــــليمـــــــية ودورهـــــــا في الحفاظ على هوية الشبـــــــــاب الجـــــــــــزائري

للأستاذ عبد الرزاق باللموشي والأستاذ أحمد جلول

ملخص المداخلة:

أولا: الملخص باللغة العربية:

إن السياسة التعليمية الجزائرية تعيش تحديات كبيرة جدا لا سيما بعد انفجار وسائل الاتصال الحديثة وأهمها الانترنت وخدمة الهاتف النقال التي حولت العالم الى قرية صغيرة وكسرت كل الحواجز مما يشكل خطرا على الشباب في بعض المجتمعات المحافظة مثل مجتمعنا الجزائري، فبسبب هذه الاعتبارات الهامة يتعين على المنظومة التربوية رفع كل التحديات الداخلية والخارجية التي أصبحت مفروضة عليها.

تتمثل التحديات الخارجية في عولمة الاقتصاد مما يترتب من متطلبات تأهيل بمستوى عال جدا، في مجتمع الإعلام والاتصال وفي التطور العلمي و التقني الذي يساعد على بروز شكل جديد للمجتمع، مجتمع المعرفة والتكنولوجيا والمعلوماتية.

لذا أصبح من الضروري إعداد مناهج جديدة على أساس اختيارات منهجية وجيهة ورؤى واضحة من حيث الغايات و الأهداف والمرامي التي لا تقبل التأويل، وبمنظور استشرافي واعي يبين ملمح الخروج المقصود للشباب الجزائري والطرق والأدوات المؤدية إليه لضمان عدم انزلاق مجتمعنا المحافظ عن هويته الأصيلة.

ثانيا: الملخص باللغة الانجليزية

The Algerian educational policy live very significant challenges, especially after the explosion of modern means of communication and the most important of the Internet and mobile customers that have turned the world into a small village and broke all the barriers which poses a threat to young people in some conservative societies such as the Algerian society, because of these important considerations need to be on the educational system new curricula prepared on the basis of good and visions of methodology choices are clear in terms of objectives and goals and targets that do not accept the interpretation, and the perspective of a forward-looking and conscious shows feature out intended for young Algerian, methods and tools leading to it to ensure that no sliding conservative society named authentic

نص المداخلة الكاملة

مقدمة:

تكتسب المدرسة دوراً مهماً في السياسة التعليمية للمجتمع بشكل عام وفي حياة الطفل بشكل خاص. فبالإضافة الى دورها التعليمي في مجالي القراءة والكتابة، واكتساب المعارف فهي يناط بها مسؤولية التربية أولاً، وتكوين شخصية التلميذ ثانيا .

ليس هذا فحسب وإنما تساعد المدرسة الطفل على فهم الواقع المحيط به والاندماج السريع والتفاعل معه وتساعده على الاكتشاف وإشباع حاجاته الذهنية عبر مواد الدراسة، وإشباع حاجاته الثقافية، وإعداده للاستزادة فيها من أي حقل آخر، وإشباع حاجاته الاجتماعية عبر العلاقات مع الزملاء وهم يمثلون المجتمع الصغير للطفل الذي يتدرب فيه على الاندماج مع روح الجماعة والتمثل بقيمها لإعداده لدخول المجتمع الواسع

أولا: السياسة التعليمية والمدرسة:

السياسة التعليمية مصطلح مشتق من السياسة العامة للدولة ويختلف تناوله حسب توجه الدولة والاطار الفكري للباحثين، وتعد السياسة التعليمية نوع من الخطط تتحدد في صورة تقارير أو مفاهيم عامة ترشد أو توجه المسؤولين في الوزارة الوصية لإتخاذ القرارات، (عبد الحميد عبد الفتاح شعلان، 2011، ص14) بحيث يكون ميدان تطبيق تلك القرارات المدرسة، فالمدرسة كمؤسسة اجتماعية تربوية لها وظائف متعددة منها ما يخدم الأفراد والتلاميذ ومنها ما يخدم المجتمع . ويمكن حصر وظيفة المدرسة في ثلاثة وظائف رئيسية :

1- وظيفة المحافظة : ونعني بوظيفة المحافظة ، ان المدرسة تحاول نقل تراث الماضي إلى الجيل الحاضر بتبسيطه وانتقائه ، ولكنها تعتمد على نظام تربوي منفتح على التحديث والتقدم بمعنى أنها لا تنغلق في الماضي وتتقوقع داخله وهذا ما يؤكد عليه السوسيولوجي الفرنسي ، "إيميل دوركايم" بقوله : إن المستقبل لا يمكن تناوله من عدم ، إننا لا نستطيع أن نبنيه إلا بواسطة أدوات تركها لنا الماضي " ولهذا نجد المقررات المدرسية تظل دائما مع سير وإنتاجات السلف ومشاكل إنتاجات الخلف ، ولكن بمقادير مختلفة ، إن هذه المقادير هي التي تمدد صدارة هذه الوظيفة أو تلك.

2- وظيفة الإعلام والتكوين: إذا كان فعل informer في معناه الشائع يعني أخبر و أعطى معلومات ، فإن أصله يدل على أعطى شكلا ، وهذا هو بيت القصيد فالمدرسة لا تقتصر على شحن التلميذ بالمعلومات بل تعطيها معنى ودلالة وشكلا يندرج في بنية تكوين الطفل ، إنها تحاول القضاء على الأمية عن طريق تعليم الكتابة والقراءة والتزويد بالمعارف ، وفي نفس الوقت تقوم بتأسيس العقلانية والموضوعية ، أي تشكيل الفكر العلمي ومن ثمة فهي تتراوح بين المعرفة ( إعلام) والفعل (تكوين ) للتأثير بعمق على الطفل عبر المعلمين . وهكذا نخلص إلى القول عبر هذا الزوج إعلام – تكوين – تتجسد طاقة المدرسة الدينامية والكامنة في جدلية المعرفة والفعل .

3- وظيفة التطبيع الاجتماعي : من المعروف أن التربية المدرسية هي فعل كل شيء، تنشئة اجتماعية وتطبيع اجتماعي، لأنها تمرر الأعراف والقيم الاجتماعية الموضوعة ، ولتحقيق وظيفتها في تكوين الطفل تلجأ المدرسة إلى استعمال مفاهيم عدة ، حسب الظروف والمرافق ، كمفهوم التربية والتعليم ، والتدريس والمستمر ، والتوجيه والاختبار ... الخ. وكلها في الواقع مفاهيم تحيلنا إلى هدف واحد هو التأثير العميق على المتعلم أو الطفل قصد تحقيق توافقه أو تطبيعه الاجتماعي وهي في ذلك تسلك مسلكين:

  • المسلك الأول : يقوم على حماية الطفل من شوائب المجتمع وعيوبه أي من البيئة الخارجية ، مما يؤثر في تطبيع التلميذ بطريقة إيجابية ويساعده على تكوين شخصيته تكوينا ينسجم ومستجدات التربية الحديثة حتى يتسنى له التوافق مع مجتمعه بشكل سليم . إلا أن هذا المسلك في الواقع يبدو أنه يجعل من المتعلمين أفرادا غرباء عن مجتمعهم ، كما يجعل من المدرسة نفسها بيئة مختلفة وبعيدة عن الحياة الاجتماعية الواقعية بكل تناقضاتها .
  • المسلك الثاني : فيرى فيه علماء الاجتماع أن المدرسة فهي مجرد مسرح لما يجري داخل المجتمع الكبير ، ولذلك يرى بيير بورديو ان المدرسة هي فقط إعادة إنتاج نفس البنيات الاجتماعية التي أنتجها ، فهي تلعب دورا أساسيا يتجلى في تبعيتها وتأثرها بالنظام الاجتماعي والسياسي ، وهنا يمكن القول أن الأفراد ليسوا هم المعيار ، بل يجب الانطلاق من المجتمع . ولعل هذا ماعبر عنه السوسيولوجي الفرنسي Guy Rocher    الذي أكد على دور التنشئة الاجتماعية في صقل هوية الطفل الذي.

ومن بين المشكلات التي تتعرض لها المدرسة الجزائرية، قضية عدم مواكبة الكثير من المناهج للمتغيرات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها عالمنا اليوم، لا سيما بعد تفجر الانترنت التي وصلت الى كل الاماكن في العالم
ويبدر دائما سؤال يتداوله الآباء والتربويون يدور حول المواد التي يجب تدريسها للطلاب، وهل هناك متسع في المنهج الدراسي للعلوم التكنولوجية والتطويرية و للقيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية جنباً إلى جنب مع الاهتمام بالمعارف الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب؟ وما هي الاساسيات والموضوعات التي يجب على المدرسة تدريسها للطلاب فيما يتعلق بالأخلاق والبيئة والمخدرات والمعاملات والوالدين؟ وهل من الواجب جعل دروس المواطنة أو التربية القومية إلزامية التركيز أم التوسع؟
وفي ظل تلك الأسئلة يدور خلاف شديد بين المختصين والمهتمين بشأن طبيعة التعليم والهدف منه بوجه عام. فهناك فريق يرى أن على المدارس أن تركز على تعليم الطلاب العلوم الأساسية مثل التربية الإسلامية والقراءة والكتابة والحساب والعلوم والجغرافيا والتاريخ واللغات. أما الفريق الآخر فيرى أن من الواجب التوسع في المنهج الدراسي بحيث يشتمل على العلوم التكنولوجية والسياسية والثقافية والحضارية، إضافة إلى الفنون والمهارات.

وفي البداية يجب التطرق لتعريف المنهاج الدراسي.

     ثانيا: المنهاج الدراسي            

1- تعاريف للمنهاج الدراسي: لعل ابرزها ما يلي:

- تعريف فرحان وآخرون1999: "مجموعة الخبرات المربية التي تهيؤها المدرسة للطلبة تحت اشرافها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل وتعديل سلوكهم"

- تعريف اللقاني 1995: جميع الخبرات (النشاطات او الممارسات) المخططة التي توفرها المدرسة لمساعدة الطلبة على تحقيق النتاجات التعليمية المنشودة الى افضل ماتستطيعه قدراتهم" (توفيق احمد مرعي، 2004)       

تعريف شامل للمنهاج المدرسي : هو مجموعه من الاسس والقواعد والمحاكات التي ينطلق منها وضع المنهجلتصميم منهجة وتنفيذة وتقويمة
2- أنواع الاسس في المنهاج المدرسي:

*الاساسالفلسفي : هي نظرة شاملة لكل جوانب الوجوج والمعرفة والقيم وهي تعني بالعللوالغايات البعيدة للظواهر والاشياء وتحاول البحث معانيها وقيمها ولها ميادين متعددةمثل (المدارس الفلسفية ، الفلسفة الأزلية والواقعية والإسلامية والوجودية)
*
الاسس النفسية : تعني بالمتعلم من حيث حاجاتة وميولة واهتماماته ومرحلة نموة وكيفيةتعلمة
*
الاسس الاجتماعية) : ولها مفاهيم تؤثر في مبادي ومراحل النمو في بناءالمنهج ) مثل التفاعل الاجتماعي، التغير الاجتماعي ،الثقافة، المشكلات الاجتماعية
*
الاساس المعرفي : وتعني الأسس التي تتعلق بالمادة الدراسية من حيث طبيعتها، ومصادرها ومستجداتها،وعلاقاتها بحقول المعرفة الأخرى، وتطبيقات التعلم والتعليم فيها، والتوجهاتالمعاصرة في تعليم المادة، وتطبيقاتها.

وبما اننا ندرس في العلاقة بين المناهج والهوية فلا بد ان نركز على الاساس الفلسفي
3- الاسس الفلسفية للمنهج :
وإذا ما استعرضنا أمثلة لبعض مناهجنا الدراسية نلاحظ الكثير من القصور في بعضها، فمثلا لا توجد علاقة بين مواد اللغة العربية التي يتم تدريسها في المرحلة الابتدائية (القواعد- النشيد والمحفوظات- القراءة- الإنشاء) وتلك التي تدرس في المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية شاملة النحو والصرف والأدب والنصوص والبلاغة. تدرس كل مادة على حدة ومنفصلة عن الأخرى، ومن الأفضل دمج جميع هذه المواد في مادة واحدة تسمى مثلاً «اللغة العربية» ويتم فيها تعليم القواعد تطبيقياً، وليس المطلوب حفظ هذه القواعد في حصة مستقلة، وإنما المطلوب هو تطبيقها.. وكذلك الأدب والنصوص والبلاغة التي يمكن تذوقها، أما إذا كانت في قواعد فيتم حفظها بجمود مثل حفظ كلمة الجناس أو التورية وحفظ بعض الأمثلة عليها عن ظهر قلب في منهج واحد لا يخرج الامتحان عنه مما يرسخ في ذهن الطالب الانفصال بين هذه المواد ويفهم أن النصوص مستقلة عن البلاغة والقواعد مستقلة عن المطالعة.
أما المواد العلمية كالجيولوجيا والفيزياء والكيمياء والرياضيات فتحولت إلى مواد لتحفيظ الأسماء العلمية مثل حفظ اسم الصخر الفلاني واسم الحيوان الفلاني والعنصر الكيميائي الفلاني ومن يكتب اسمه صحيحاً في الامتحان فهو الطالب الممتاز، بغض النظر عن أي تفكير أو إبداع في هذا المجال. و يدرس الطلاب الصخور النارية ولا يعلمون عنها شيئاً وكأنها شيء من الخيال بينما هي موجودة في شكل براكين جامدة في أماكن كثيرة يسهل على الطلاب الوصول إليها و دراستها على طبيعتها والخروج بملاحظات وانطباعات عملية حولها بدلاً من حفظ أسمائها في المنهج الذي يجب ألا يخرج عنه الامتحان.. كما يدرسون تركيب الزهرة في الأحياء ولا يرونها وهي موجودة في فناء المدرسة.. بل ويتم تحفظيهم رسمة الزهرة وأسماء أجزائها وأغشيتها.. كل هذه المناهج تحولت إلى تكبيل فكر الطالب وحصر له بدل انطلاقه وإبداء رأيه في المواد والأحداث التي يراها في حياته اليومية. والامتحانات تأتي محصورة في هذه المناهج، وعلى الطالب حفظ كل ما يرد فيها من أسماء ورموز ونظريات دون فهم وإدراك معانيها. وأغلب المدارس لا تهتم بحصة المختبر والحصص التطبيقية الأخرى التي تعتبر أهم وأفيد الحصص وهي تجد اهتماما كبيرا في مدارس الدول المتقدمة، وربما كان ذلك هو السر وراء نبوغ طلابها وميلهم للجوانب التطبيقية والعملية الشيء الذي انعكس جليا في النهضة الصناعية والتكنولوجية في تلك البلدان.

4- تخطيط المناهج :                                                                                                                                                 يعني التخطيط الدراسة والبرمجة وتوظيف الامكانيات, وهو الاعداد المسبق للسياسات والطرق

والاستراتيجيات والامكانات التي توجه العمل نحو اهداف معينة

وحتى يكون تخطيط المناهج التعليمية بعيدا عن العشوائية ومعتمدا على الدراسة العلمية لابد ان يشتمل على شروط اساسية من اهمها ما يلي:

1- وجود فلسفة تربوية واضحة المعالم ومستمدة من فلسفة المجتمع

2- وجود نظرية تربوية منبثقة من الفلسفة التربوية

3- مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية والتربوية النفسية المعاصرة.

(محمد هاشم قالوفي، 1977)

5- صياغة الاهداف اول خطوة في بناء المناهج:

تعتبر الاهداف اول عنصر من عناصر المنهاج وهي هامة جدا فهي توفر قدرا هاما من الفهم يسمح للقائمين بالأمور التربوية بوضع المناهج التي تحقق الغايات التربوية على نحو افضل , وتعرف الاهداف على انها

"النتاج المتوقع حدوثه لدى المتعلمين في ضوء اجراءات وامكانات معينة "                                                        

مستويات الاهداف: يميز التربويون عادة بين فئتين من الاهداف                                                              

فئة الاهداف التربوية التعليمية, ويشير هذا النوع من الاهداف الى الغايات القصوى للعملية التربوية والتي ترمي الى التاثير على شخصية الفرد لجعله مواطنا يتسم باتجاهات وقيم معينة

اما النوع الثاني من الاهداف يشير الى الاغراض التي تنشدها العملية التعليمية والتي تتجلى في عملية اكساب انماط سلوكية او ادائية معينة في مواد دراسية معينة

وأول مستوى للأهداف يشير الى الاهداف ذات الدرجة المرتفعة من حيث التعميم والدرجة المنخفضة من حيث التحديد أو التخصيص, مايطلق عليه الاهداف التربوية العامة كتنمية القيم الدينية والأخلاق والديمقراطية أي نتاجات التعلم على المدى البعيد                                                                                                    وتتفرع الاهداف الى نوعين :الغايات والمرامي

أ-الغايات:

وهي صياغة الاهداف تعبر عن فلسفة المجتمع وتعكس تصوراته للوجود والحياة مثل قولنا :على المدرسة ان تنمي روح الديمقراطية او تمحوا الفوارق الاجتماعية وهذا ما يقودنا للحديث عن اشكالية الهوية ،لان الاهداف تتموضع على المستوى السياسي والفلسفي العام وتسعى الى تطبيق الناشئة بما تراه مناسبا للحفاظ على قيم المجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية.                                                                

ب_المرامي :يستعمل مصطلح المرامي للدلالة على الأهداف العامة ولكن تتموضع في نطاق اضيق نسبيا من المستوى الاول حيث يكون على مستوى مؤسساتي أي في نطاق تنظيم وتسيير برامج التعليم ومقرراته والتي يعمل بفضلها النظام التربوي على التحقيق التدريجي لأهداف المستوى الاول المتمثل في الغايات.                                                                                                

رابعا : إشكالات تعيق تطوير مناهج التعليم بما يحافظ على الهوية الوطنية:
الإشكالات المرتبطة بالتحديد النظري لمفهوم المنهاج في منظومتنا التربوية ، وغياب الفلسفات والسياسات والنظريات الموجهة لبناء المنهاج وتطويره. وبخصوص هذا الغياب وما يعاني منه المشهد التربوي في بلادنا من ضبابية مفاهيمية،من حقنا أن نطرح بعض التساؤلات المصيرية :
ماهي شخصية الإنسان الذي تنشده منظومتنا التربوية ؟ وما هي المواصفات التي نسعى لتنشئة أبنائنا وبناتنا عليها ؟ أي ما هي القدرات والمهارات والاتجاهات والقيم التي نرغب في ان يعمل نظامنا التربوي على ترسيخها ؟ وهل تنسجم مع نوع المجتمع الذي سنسعى الى إيجاده من خلال المنظومة التربوية.  

إن طرح هذه الأسئلة يعني أننا في حاجة إلى نظرية اجتماعية - تربوية شاملة -، ضرورية لأي إصلاح...والخروج بالتالي ، من دوامة اعتماد النظريات المستوردة و الخبرات الأجنبية. و نشير بهذا الخصوص ، إلى ازدياد الدراسات التي تنبه من مخاطر اقتباس التجديد و استيراد الإصلاح في المجال التربوي و في المنهاج الدراسي وأهدافه العامة على وجه الخصوص ( مخاطر ما يعرف بالتحويل أو النقل التربوي ) دون التأكد من ملاءمته لواقع المجتمع التعليمي المستقبل ، وقابليته للتطبيق وهذا ما طبق في الكتاب المدرسي الجديد حيث لاحظ كثير من المدرسين عبارات خارجة عن حدود الدين لانها ترجمت من مناهج اجنبية . ولن نبالغ حين نقول ، بأن السبب الرئيسي وراء الفشل في مشاريع التجديد و الإصلاح التربوي في الدول النامية ، يعود إلى النقل التربوي ، والذي يؤدي في الغالب ، إلى عدم التحام منظومة الإصلاح الجديدة مع المنظومة التعليمية المحلية وعدم ملاءمة محتوياته مع الاحتياجات الفردية وتطلعات الجماعات المحلية ومنظومتها القيمية، فتحدث ردود فعل رافضة للجسم الغريب.

1-     أهمية تطوير المنهج دون المساس بأسس الهوية الوطنية:
وأن عملية تطوير المناهج عملية هامة لا تقل أهمية عن عملية بنائه والدليل على ذلك أنه لو قمنا ببناء منهج بأحدث الطرق والأساليب وفقا لأفضل الاتجاهات التربوية الحديثة بحيث يظهر إلى الوجود وهو في منتهى الكمال ثم تركنا المنهج عدة سنوات دون أن يمسه أحد فيحكم عليه بعد ذلك بالجمود والرجعية والتخلف مع أن المنهج في حد ذاته لم يتغير ولم يتبدل ومن هنا يظهر أن عملية التطوير بكل ثقلها عملية هامة لا غنى عنها لدرجة أن من يتولى بناء المنهج في أيامنا هذه يضع في نفس الوقت نصب عينه أسس تطويره وحيث أن المنهج يتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة (العولمة) والنظريات التربوية وحيث أن كل عامل من هذه العوامل يخضع لقوانين التغير المتلاحقة فلا التلميذ ثابت على حالة ولا البيئة ساكنة دون حراك ولا المجتمع صامد في مكانه ولا الثقافة صلبه متحجرة ولا نظريات التعليم باقية على حالها فينتج من ذلك أن تطوير المنهج يصبح أمرا لا غنى عنه ولا مفر منه.                                                              

2-     - الهوية وعلاقتها بالمناهج:
جاء مصطلح الهوية في اللغة العربية من كلمة : هو الهوية هي مجمل السمات التي تميـّز شيئا عن غيره أو شخصا عن غيره أو مجموعة عن غيرها. كلّ منها يحمل عدة عناصر في هويته. عناصر الهوية هي شيء متحرك ديناميكي يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى.

الهوية الشخصية تعرّف شخصا بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده. الهوية الجمعية ( وطنية أو قومية) تدلّ على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر، تميّزهم عن مجموعات أخرى. أفراد المجموعة يتشابهون بالميزات الأساسية التي كوّنتهم كمجموعة، وربما يختلفون في عناصر أخرى لكنها لا تؤثر على كونهم مجموعة. فما يجمع الشعب الهندي مثلا هو وجودهم في وطن واحد ولهم تاريخ طويل مشترك، وفي العصر الحديث لهم أيضا دولة واحدة ومواطنة واحدة، كل هذا يجعل منهم شعبا هنديا متمايزا رغم أنهم يختلفون فيما بينهم في الأديان واللغات وأمور أخرى.

العناصر التي يمكنها بلورة هوية جمعية هي كثيرة، أهمها اشتراك الشعب أو المجموعة في: الأرض، اللغة، التاريخ، الحضارة، الثقافة، الطموح وغيرها.

ان عدد من الهويات القومية أو الوطنية تتطور بشكل طبيعي عبر التاريخ وعدد منها نشأ بسبب أحداث أو صراعات أو تغيّرات تاريخية سرّعت في تبلور المجموعة. قسم من الهويات تبلور على أساس النقيض لهوية أخرى. هناك تيارات عصرية تنادي بنظرة حديثة إلى الهوية وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهوية القومية

وتأسيسا على المقاربة الفلسفية، تعبّر الهوية عن حقيقة الشيء المطلقة المشتملة على صفاته الجوهرية التي تميّزه عن غيره ، كما تعبّر عن خاصية المطابقة أي مطابقة الشيء لنفسه أو لمثيله، وبالتالي فالهوية الثقافية لأي شعب هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز حضارته عن غيرها من الحضارات

ومن العسير أن نتصور شعبا بدون هوية، أو نقتنع بما يزعمه "داريوس شايغان "أن الهوية صورة مغلوطة للذات ، فمن نافلة القول تأكيد ما أثبتته الدراسات السوسيولوجية من أن لكل جماعة أو أمة مجموعة من الخصائص والمميزات الاجتماعية والنفسية والمعيشية والتاريخية المتماثلة التي تعبّر عن كيان ينصهر فيه قوم منسجمون ومتشابهون بتأثير هذه الخصائص والميزات التي تجمعهم .(داريوس شايغان، ترجمة محمد علي مقاد،1993 ، ص127)

ومن هذا الشعور القومي ذاته ، يستمد الفرد إحساسه بالهوية والانتماء ، ويحسّ بأنه ليس مجرد فرد نكرة ، وإنما يشترك مع عدد كبير من أفراد الجماعة في عدد من المعطيات والمكونات والأهداف ، وينتمي إلى ثقافة مركبة من جملة من المعايير والرموز والصور (محمد أزرقي بركان، 1998، ص56)

. وفي حالة انعدام شعور الفرد بهويته نتيجة عوامل داخلية وخارجية ، يتولد لديه ما يمكن أن تسميه بأزمة الهوية التي تفرز بدورها أزمة وعيتؤدي إلى ضياع الهوية نهائيا ، فينتهي بذلك وجوده (نديم البيطار، 1982 ص1)

وإذا كان إجماع الباحثين حول فكرة أنه لا وجود لشعب دون هوية ، فإنهم اختلفوا في الشكل الذي يحدد الهوية . وفي هذا السياق انتقد أحد الباحثين ما أسماه بالشكل الميتافيزيقي الذي يحدد هوية الأمم والشعوب ، ويقدم شخصيتها في إطار تصورات استثنائية أو نماذج مثالية ، دون الرؤية إليها كمجموعات حية تتميز باحتمالات تكشف عن ذاتها في عملية تحققها ، ويطرح مقابل ذلك مقاربة سوسيولوجية ترى أن الهوية تتغذى بالتاريخ وتشكل استجابة مرنة تتحول مع تحول الأوضاع الاجتماعية والتاريخية ،فتغير منها ، دون أن تشكل ردّا طبيعيا ، وبذلك فهي هوية نسبية تتغير مع حركة التاريخ وانعطافاته .

والواقع أن مسألة ثبوت الهوية أو تغيرها قد طرحت على محك المساءلة والنقاش ، وأثبتت المجادلات العلمية أن هوية أي مجتمع ليست أمرا ثابتا و سرمديا ، بل يرتبط بالمؤثرات الخارجية وبالتداول العلمي للأفكار والثقافات .

لكن يبدو لي أن تغير الهويات ينبغي أن يخضع لقانون التوازن بين الثوابت المميزة للهوية والعناصر القابلة للتحول ، وإلا كانت الهوية عرضة للخطر والتدمير ، فالهوية تتضمن مكونات ثابتة وأخرى قابلة للتغيير . ويعتبر الدين واللغة من الثوابت الراسخة ، بينما تكون المكونات الأخرى من عادات وقيم وطرق تفكير قابلة للتغيير في الشكل الإيجابي الذي تحدده حركية المجتمع وتفاعله بمحيطه الخارجي . وإذا كان القول بثبات اللغة كمعطى أساسي يحيل على الهوية ، فإن ذلك لا يعني تخشيبها وتقديسها ، والحيلولة دون تطوير بنيتها لإنتاج أفكار جديدة وتوليد مصطلحات لغوية ذات قيمة.

وعلى العموم فإن مكونات الهوية الإنسانية تنسج وجودها عبر شبكة من العلائق التي تندرج في الخانات الحضارية والمشتركات التالية :

-مجال جغرافية ووطن تاريخي مشترك .                                              

-أساطير وذاكرة تاريخية مشتركة.

-ثقافة شعبية مشتركة.

   -منظومة حقوق وواجبات مشتركة.

-اقتصاد مشترك مرتبط بمناطق معينة.(ياسر سليمان، 2003)

و لاشك أن الهوية العربية التي بدأت في التشكل دستوريا مند كتابة صحيفة النبي (صلى الله عليه وسلم)بعد هجرته إلى يثرب ، انطلقت من مبدأ التغير مع الإبقاء على الثوابت ، ولذلك شاركت الهوية العربية في منظومة الإنتاج الحضاري وبناء التراث العالمي ، وبقيت اللغة العربية محافظة على ثباتها الإيجابي باعتبارها مكونا أساسيا للهوية العربية .

المناهج التعليمية والهوية الوطنية:

تعد المناهج التعليمية الثقافة المشتركة غير الاختيارية بين الفرد ووطنه من جهة، ومن جهة ثانية، فهي الثقافة المشتركة بين جميع أفراد الشعب، على عكس الإعلام الذي يحدده الفرد بذاته، لذلك يصبح من الضروري جداً أن يكون هذا المنهاج كافياً ووافياً لتعزيز وتجديد الولاء الوطني كمدخل أساس للهوية الوطنية الجزائرية، وتحصين أبناء الوطن من الانجرار نحو تغليب النزعات الطائفية والقبلية والحزبية حمايةً للسلم الاجتماعي الذي تنتعش في أجوائه الهوية الوطنية والاعتزاز بهافينتعش الوعي الوطني والوعي بالهوية الوطنية التي تأتي في مرحلة لاحقة على الأول – الوعي الوطني- الذي قد يتواجد بين الطلاب، فيما لا يكون هناك اعتزاز بالهوية الوطنية، وهو ما نلحظه في مناهجنا االجزائرية التي تعاملت مع الوعي الوطني باعتباره مرادفاً للهوية الوطنية، غير أنّه شتان بينهما، فبقي المحتوى المعرفي للمنهاج التعليمي في جميع مراحله قاصراً عند حدود الوعي الوطني فقط ( جغرافيا- معلومات وطنية)
مما لا شك فيه أنّ المنهاج هو أداة التعليم الأهم التي يمكن خلالها تحقيق الأهداف التربوية للتعليم، لكنه يبقى أداة عاجزة عن إحداث تحولات في سلوك وتوجهات الطلاب في غياب رؤية علمية   وطنية تعزز من دور المعلّم في تنمية الإحساس بالهوية والبناء على الجانب المعرفي البسيط المتضمن في المناهج وربطه بالواقع الفلسطيني الاجتماعي والثقافي والسياسي، ونحن هنا لا نتحدثفقط على مناهج التربية الوطنية أو التربية المدنية أو التاريخ ، على الرغم من حصتهم الكبيرة في هذا الإطار، لكننا نتحدث عن كل أنواع المناهج بما فيها العلوم العلمية والرياضية.
كما أنّ السياسات التعليمية المتبعة سواء تلك الصغرى على المستوى المدرسة أو الكبرى على مستوى البيئة التعليمية الوطنية – بالمعنى الجغرافي هنا- تلعب دورها في تقليص الشعور بالهوية الوطنية فأداء المدرس وتوجهاته وآرائه ، بل أقول أكثر من ذلك احباطاته وآماله، تفتحه وانغلاقه، تسلطه وتسامحه، جميعها تمارس تأثيراتها المرئية والمخفية في تعزيز أو تقويض علاقة الطالب بوطنه .
التحدّيات التي تواجه التعليم لتحقيق الهوية الوطنية:
1
-إن أكبر تحدّي يواجه التعليم الجزائري هو تحديداً هو تداعيات العولمة الثقافية ، التي غيبت العقل الثقافي الوطني لصالح ثقافات أخرى وهويات أخرى نراها تتسرب إلى تعليمنا، وطلابنا وسياستنا التعليمية – إن وجدت- تسير عمياء على غير هدى؛
2- إنّ جوهر الهوية الوطنية في التعليم اللغة والاسلام، وكلاهما يعاني من قصور واضح نلمس آثاره في لغة أبنائنا ونظرتهم الجديدة للوطن والقضية والوطنية التي تخلو من الإيجابية في كثير من الأحيان؛
3  
- أصبحت المعايير الوظيفية التي تحكم أو تتحكم في التعليم تهدد بناء منظومة تعليمية تراعي المهنية ومصلحة المتعلمين/ات ، قد تركت آثارها السلبية، ناهيك عن آثارها المستقبلية، على المستوى التعليمي، ومن ثم فقدان الثقة في المؤسسة التعليمية وامتداد أثر ذلك على علاقة الطلاب بوطنهم وقادته.

نحن كجزائريينبحاجة إلى اعادة النظر في تعريف الهوية و الانتماء و تحديدهما اكثر من محاولة تسويقهما عن طريق محاولات بائسة كتحية العلم صباح مساء بالمؤسسات التربوية و الذي لم نستفد منه شيء إلا تهرب التلاميذ من الدخول باكرا لتجنب تلك التحية و امتهان تحية العلم لتصبح سلوكا آليا اصبح الكثيرون يقللون من احترامه و اصبح عدم انضباط التلاميذ أثناء تحية العلم ميزة يفاخرون بها أمام زملائهم و ليس عيبا مخز ,

في الحقيقة أنا اشعر بالكثير من الحزن لهذا المستوى الذي وصلنا إليه ، ففي زمن يتصاعد مد العولمة سنجد أنفسنا عمّا قريب تائهين في بحر من الهويات و الإنتماءات التي لن تشفع لنا أبدا و لن ترحم محاولاتنا اليائسة للتمسك بأي هوية نصادفها و التي بدورها لن تستضيفنا لوقت طويل ما لم تكن من مقومات هذا الشعب الأصيلة .

ان الملاحظ لمناهج الدول الاخرى العربية نجد انها محافظة بدرجة اكبر من بلادنا فمثلا السعودية محافظة عل الدين الاسلامي واللغة العربية الذين يعتبران اهم ركائز الهوية عند العرب والمسلمين، وحتى تغيير المناهج عندهم يتأثر لا محال بالنظريات الغربية لكن دون المساس بالثوابت. لهذا فلا بدا من التطرق للمجالات التعليمية وعلاقتها بالهوية.

المجالات التعليمية:
إن الكفاءات المرتبطة بالبعد الوطني والمتوخاة من مادة التربية المدنية يتم تحقيقها ضمن المجالات التعليمية التالية: - المواطنة، حقوق الإنسان، الديمقراطية، المسؤولية، الاستقلالية، العلم، البيئة، الصحة، المؤسسات، الحياة الجماعية [...]
البعد الوطني في مناهج التاريخ في التعليم الابتدائي والمتوسط:
من بين ما يؤكد عليه الإصلاح التربوي التكفل الأمثل ببعد التاريخ وخاصة التاريخ الوطني من جميع جوانبه ومراحله، ومعالجته على أساس دعم الوحدة والهوية والثقافة الوطنية بإبراز كل جوانب الهوية الوطنية والتفاعل مع مركباتها.
وعليه، فتدريس التاريخ بالرؤية الجديدة غايته اكتساب كفاءات بنائية ومنهجية وسلوكية تمكن المتعلم من تكوين صورة واضحة وايجابية حول التراث الحضاري والثقافي لمجتمعه، هذا التراث الذي يحمل جزءا منه في سلوكه وله تأثير مباشر أو غير مباشر في تكوين عناصر تفكيره، وتصوره للحياة بصفة عامة، بالقيم والمقومات المشتركة والبيئة الجغرافية، تكون لديه مجتمعه الإحساس بالانتماء إلى مجتمع له مميزاته الخاصة به (قواعد التعامل فيما بين أفراده والوسائل والطرق المستعملة للحفاظ على سيرورته وتطويره وتوجيه سلوكه...) كما تعتبر من المؤثرات الأساسية في منهجية تفكيره التي يستعملها في تحليل قضايا وتكوين تصورات واتخاذ مواقف.
وقد خصصت مناهج التاريخ في مرحلة التعليم القاعدي جانبا هاما لدراسة التاريخ الوطني من حيث أنه يمثل البوتقة التي تشكلت فيها الهوية الجزائرية والإطار الذي ما انفكت تنمو فيه الأمة الجزائرية. فكان لزاما أن يتشبع المتعلم من ماضيه الوطني بكل مظاهره، دون تمييز حقبة تاريخية معينة. في هذا السياق، تكوّن مناهج التاريخ المتعلم في إطار مفهوم الجنسية باعتبارها واقعا أساسيا.

انطلاقا من ملاحظات بسيطة حول المدرسة الجزائرية اليوم يتبين لنا أنها في خطر داهم يدفعنا دفعا حقيقيا لدق ناقوس الخطر اتجاهها واتجاه مريديها، مثلما فعل دلك تماما الأمريكيون مع نهاية القرن الماضي وبالضبط سنة 1983 حينما كتب قدم احد المفكرين لديهم تقريرا تحت عنوان "أمة في خطر " وهو التقرير أشرف عليها الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريقن، والتي لاحظت غياب توافق بين المدرسة والأهداف الوطنية المسطرة للعملية التربوية على مستوى إنتاج يد عاملة تمتاز بالتنافسية.
وعلى أثر ذلك أقرت هذه اللجنة بالخطر المحدق بالأمة الأمريكية أمام الموجة المتصاعدة من الرداءة في التعليم، ومن ثم فهل لنا نحن اليوم كباحثين وفاعلين في الحقل التربوي في الجزائر أن نتساءل عن ذلك الخطر الذي أصبح يلف المدرسة الجزائرية من داخلها ومن خارج أسوارها، حيث أصبح التلميذ اليوم لا يفكر في مغادرة المدرسة إلا بحرا (الحرقة) أو حرقا (الانتحار) أو حتى رمزيا (الاغتراب)، بل أصبح يفكر في أحسن الأحوال في الغش وانتهاج سلوك العنف مع زملائه وأساتذته أو استهلاك المخدرات داخلها، وهذا ما وقفت عليه شخصيا من خلال تدريسي في التعليم المتوسط والثانوي وحتى ذلك المتفوق أو الموهوب الذي أصبح ينتظر إكمال دراسته ونجاحه للهروب من الوطن الأم (هجرة الأدمغة)، فهل بعد ذلك كله يمكننا الإدعاء تبجحا بالقول بأن المدرسة الجزائرية قد نجحت في تحقيق الغايات والأهداف الوطنية المرجوة منها والتي يقع على رأس سنامها وذروتها بناء الشخصية الوطنية؟ وهي اهم ركائز الهوية.

بالفعل بات من الضروري البحث المتأني في منظومتنا التربوية و البحث عن أس الداء و إيجاد الدواء الشافي فحسب رأي كثير من المعلمين أن ما يقدم لأبنائنا من تعليم هو مجرد طلاسم يجب إعادة النظر فيها لأنها منظومة تسير بنا نحو الأمية و الجهل فما يقدم لأبنائنا مجرد سراب و الله لا أرى فيه خيرا و نحن كمعلمين و مسيرين نتحمل جزءا غير يسير من هذه المشكلة و نحن ننفذ و كأن الأمر عاد وطبيعي ألم نصدم يوما بأمية أبنائنا.. بالبضاعة التي نقدمها للجامعات و منها إلى المجتمع بكل فئاته إطارات فاشلة لا يصلح منها إلا القليل النادر منظومة تقتل المواهب في مهدها رغم أنها تقوم على استنفارها و استفزازها.

والحل في رأينا هو اعادة النظر في المناهج وتغييرها باستمرار بما يتناسب مع التغيرات الجديدة الايجابية منها وترك سلبيات العولمة جانبا، لان عصر العولة لن يترك لنا الفرصة للاستمرار في منهاج معين، كما يجب ان لا نتخلى عن مبادئنا الاساسية والمتمثلة في الاسلام وضرورة تجسيدها في الكتاب المدرسي الموجود عند التلميذ هذا الاخير الذي يجب ان لا تكون فيه العبارات والصور الغير لائقة مثل صور الفنانات والمشاهير الغرب وطريقة لباسهم المحتشمة واستبدالها بالسيرة الذاتية للمجاهدين والمفكرين المسلمين مثل الامير عبد القادر والعلامة عبد الحميد بن باديس غيرهم,

خاتمة:

ان السياسة التعليمية الفعالة هي التي تعمل على تنمية الموارد البشرية وبناء الشخصية المتكاملة التي تقف سدا منيعا ضد كل محاولات المساس بالهوية الوطنية الجزائرية المتمثلة في الاسلام واللغة العربية والامازيغية والموقع الجغرافي، لذا بجب ام تبنى هذه السياسة في ضوء أهداف متفق عنها حتى نستطيع رسم الخطط والإجراءات لتحقيقها، ومن هذا المنطلق تهتم الدولة الجزائرية بتطبيق مجموعة من الاصلاحات لمواكبة التطور التكنولوجي والعلمي من جهة، والمحافظة على الثوابت الوطنية من جهة اخرى.

قائمة المراجع:

1- عبد الجميد عبد الفتاح شعلان،(2011)، السياسة التعليمية بين الواقع والمأمول، مؤسسة طسيبة للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1.

2- توفيق احمد مرعي، محمود الحيلة، (2004)، المناهج التربوية الحديثة، دار المسيرة للنشر والتوزيع، الاردن.

3- محمد هاشم قالوفي، (1977)، بناء المناهج التربوية، دار المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية,

4-داريوس شايغان ، أوهام الهوية،ترجمة محمد علي مقاد، (1993) ،دار الساقي ، بيروت .

5- محمد أزرقي بركان ، (التحول هل هو بناء الهويةأم تشويه لها؟ ) ، مجلة فكر ونقد ، عدد 12 ، أكتوبر 1998 .

6-نديم البيطار ، (1982)حدود الهويةالقومية ، دار الوحدة ، بيروت .

-7 ياسر سليمان ، اللغة العربية والهوية القومية ، منشورات Edinburgh Press University, 2003، بيروت.

الجامعة في الصحافة الوطنية

09

جميع مواضيع الجامعة في الصحافة الوطنية

---------------------------------------

يومية التحرير تكتب  : ذوو الهمم العالية بجامعة الوادي يحتفلون باختتام الموسم الدراسي

 

 

 

إقرأ المزيد...

---------------------------------------

صحيفة القائد نيوز تكتب عن صيرورة التكوين في الطور الثالث 

 

 

 

إقرأ المزيد...

---------------------------------------

صحيفة القائد نيوز تكتب : الطالبة مسلم لمدة من ذوي الهمم( كفيفة) تتميز بتقدير جيد جدا في شهادة الماستر لعلوم التربية 

 

 

إقرأ المزيد...