بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
وبِهِ نَسْتَعِين
النَّدْوَةُ الدَّوْلِيَّةُ العِلْمِيّة:
أُصُولُ البَيَانِ فِي فَهْمِ الخِطَابِ القُرْآنِيِّ وتَأْوِيلِه
تَطْوَان: الـمَغْرب في:
5-6 رَبيع الأوّل 1437ه
16/17 دِيسمبر 2015
***************************
مِحْوَرُ البَحْثِ: (الأصْلُ الأوّل):
حُدُودُ العُلُومِ النَّحْوِيّةِ والصَّرْفِيَّةِ ومُنْتَهَاها فِي فَهْمِ الخِطابِ القُرْآنِيِّ وتَفْسِيرِه
***************************
عُنْوانُ البَحْث:
التَّوْجِيهُ النَّحْوِيُّ للشَّاذِّ فِي لُغَةِ القُرْآنِ الكَرِيم
- المَتْبُوعُ مِنْهُ والمَدْفُوع -
إِعْدَادُ الدّكْتُور:
نَصْرالدِّين وَهَّابي
قِسْمُ اللُّغَةِ والأدَبِ العَرَبيِّ بجامِعَةِ الشَّهِيدِ حمّه لَـخْضَر بالوَادي – الجزائِر.
تَقْدِيم:
تَتَجاوَزُ هذهِ الكلمةُ التّأكيدَ على وُجُوبِ الـمَعْرفةِ اللّغويّةِ، في فَهْمِ القُرْآنِ الكريم، بما هُوَ أمرٌ قَدْ استَقَرَّ في عِلْمِ النّاس، لِتَتَّجِهَ إلى السَّعْيِ في تأصيلٍ إجْرائيٍّ لاسْتِخْدامِ مُقرّراتِ اللّغةِ وعُلُومِها، فهذا أوّلاً، ولم نَزِدْ، في هذا، على الـمُبَيَّنِ في بحوثِ أصولِ التّفسيرِ اللّغويةِ والبَيَانية، ثم عَبْرَ الكلامِ في تَشْقِيقِ البحثِ اللُّغَويِّ إلى شُعْبَتَيْن؛ شُعْبةِ اللُّغَويين، وشُعْبةِ النُّحَاة، والكشفِ عنِ الأساسِ الـمَنْهجيِّ الذي يُوجِّهُ عَمَلَ كلِّ فَريقٍ مِن الفَريقَيْن، فشُعْبةُ النّحو، بما هي صنعةٌ، وعِلْمٌ مَضْبُوط، وشُعْبةُ اللّغةِ، بما هي مَعْرفةٌ، وتحصيل، وهذا ثانياً، ثم الـمَصيرُ مِنْ ذلك إلى مَعْرفةِ كيفَ يكونُ الأخذُ مِنْهُما لِـمَصْلحةِ التّفسير، فعلى قَدْرِ إدراكِ ما يكونُ مِن النّحوِ، وما يكونُ مِن اللّغة، يكونُ إحْكامُ العلاقةِ بين الآلةِ اللُّغَويةِ، والغَرَضِ التَّفْسيري، وهذا ثالثاً.
و يَظْهَرُ هذا الأمرَ جَلِيّاً في توجيهِ ما يَشِذُّ، في لُغَةِ القُرْآنِ الكريم، عَنْ قَواعِدِ النّحو؛ فإنّ الـمَوْقِفَ، عِنْدهم إِزَاءَه، على وَجْهَيْن:
- الإصْرارُ على رَدِّهِ إلى قوانينِ النّحوِ بشَتّى إمْكاناتِ التّأْويلِ المُتاحَة.
- الْتِماسُ تفسيرِه مِنْ خارجِ المَنْظُومةِ النّحوية؛ كالحَمْلِ على لَهْجةٍ عربيّةٍ، مثلاً.
والحملُ على الوجهِ الأوّل، هو التّوجيهُ النّحوي، والحملُ على الثّاني، هو التّوجيهُ اللُّغَوي، واللّغةُ أَوْسَعُ مِن النّحو؛ بما هي أشملُ لِلَهَجاتِ العرب، والنَّحْوُ أَضْيَقُ بما هو محصورٌ في الـمُطَّردِ الذي تُـمَثِّلُهُ لغةُ قُرَيْش خيرَ تمثيل، والقُرآنُ قُرشيُّ اللِّسانِ، في غالِبِه، وشَذَّتْ فيه مَواضِعُ فجاءَتْ على غَيْرِ لهجةِ قُرَيْش، فاضطربَ الرّأيُ بين حملِها على الـمُطَّرِدِ الـمُوَافِقِ لِلُغةِ قُرَيْش، وبين حملِها على إحْدى لُغاتِ العربِ، بما صحَّ أنَّ في القُرْآنِ منها شيئاً كثيراً، واضْطِرابُ الرّأيِ في هذا قَضَى بأنْ يكونَ مِنه الـمَتْبُوعُ، ومِنه الـمَدْفوع، والـمَرْجِعُ في فَرْزِ ذلك هو أُصُولُ التّفسيرِ اللُّغَويةُ، والبَيَانيّةُ، وقواعِدُه الثّقافية؛ ذلك لأنّ حملَ الشّاذِّ، الذي هو لهجةٌ، على مُوجِبِ القانونِ النَّحْويِّ، مَعِيبٌ بأَمْرَيْن:
1- تَحْكيمُ أُصُولِ لَهْجةٍ في لهجةٍ أُخْرى، وهو مَرْفوضٌ عِند النُّحَاةِ أنفسِهِم؛ لأنّ المُقرَّرَ عِنْدهم "أنّ كلَّ لهجةٍ أصلٌ بِذاتِها".
2- تَقْديمُ مُقْتَضى النَّحْوِ على مُقْتَضى التَّفْسِير، وهو قَلْبٌ للوضعِ بجعلِ الوَسِيلةِ غايةً، والغايةِ وسيلةً.
وفي هذا البحثِ اجتهادٌ في مَسْألتين، في سَبيلِ تَصْحيحِ الوضعِ بدعْمِ مَشْروعِ أُصُولِ البيانِ في فَهْمِ الخطابِ القُرْآنيِّ وتأْوِيلِه، وذلك عَبْرَ بيانِ حُدُودِ العُلُومِ النَّحْويّة، ومُنْتَهَاها في فَهْمِ القُرْآنِ وتَأْويلِه، وإظْهارِ كيفَ تكونُ أصولُ البيانِ الـمَرْجِعَ الأساسَ في فَرْزِ الـمَتْبُوعِ عن الـمَدْفُوع مِن تَوْجيهاتِ النَّحْويين للشَّاذِّ في لُغَةِ القُرْآن الكريم.
والغايةُ الكُبْرى هي إفْهَامُ كلِّ صاحبِ فَنٍّ، واخْتِصاصٍ عِلْمِيٍّ أنّ البحثَ في القرآنِ هو مِنْ بابِ القَوْلِ في كلامِ الله تعالى قَبْلَ كَوْنِهِ اجْتِهاداً في فَنِّهِ، وتخصُّصِه؛ فإنّ فَهْمَ هذا، وإدراكَ الـمُرادِ مِنْه هو فاتحةٌ ضروريّةٌ لِبِناءِ أُصُولِ البيانِ في فَهْمِ الخِطابِ القُرْآنيِّ وتأويلِه.
- ·المَبْحثُ الأوّل: عُدَّةُ المُفَسِّرِ اللُّغَويّة: حُدُودُها وطَبِيعَتُها:
1- إنّ هذا الدّينَ عربيُّ اللِّسان؛ عربيُّ الكتابِ الذي جاءَ به، وبأَحْكامِه، والـمَبْنيُّ على هذا ضرورةُ العِلْمِ بلسانِ العربِ، وقوانينِ كلامِهِم، على ما يَفِي وفاءً تامّاً بفَهْمِ خِطَابِه، والـمَبْنيُّ عليه، أيضاً، ضرورةُ أنْ يكونَ هذا العلمُ في مُسْتوى العالِـمِ بلغةِ العرب، ويحصُلُ منه، كذلك، ضرورةُ أنْ يكونَ الـمُفَسِّرُ عالـِماً بالعربية، ومِن مُوجَزِ التّعبير عَنْ هذا قولُ الدّكتور عَبْد الرّحمن بودرع: "تُعدُّ اللّغةُ العربيةُ أُمَّ الأصولِ في فَهْمِ القُرْآن"([1]).
ومع أنّ الـمُفَسِّرَ مطلوبٌ إليه أنْ يَبْلُغَ في العِلْمِ بالعربيةِ مَبْلَغَ اللّغويين أنْفُسِهم، إلّا أنّه لا يَـجْمُلُ الإطلاقُ في تصوُّرِ الاسْتِمْدادِ اللّغويِّ للمُشاركةِ في التّفسير، إنّما الأمرُ مَوْكُولٌ إلى أصولٍ، وكُلِّياتٍ، وقواعدَ ثقافيّةٍ، تُرِي كيف يُؤْخذُ مِنْ أحكامِ اللِّسَانِ لِـمَصْلحةِ فَهْمِ القرآن، وهو تأصيلٌ مَنْظورٌ فيه إلى ضَبطِ الآلةِ اللّغوية، واسْتِخْدامِها على النّحو الذي يجعلُها تابِعةً لِـمَقاصِدِ اسْتِعْمالِ الشّرع، لا مَقَاصِدِ الصّناعةِ اللّغوية، ويُظْهِر هذا اتِّفاقُهُم على أنّ المعانيَ الـمُسْتَفَادةَ منَ اللّفظِ، في النّصّ الشَّرْعيّ ثلاثةٌ: لُغَويٌّ، وعُرْفيٌّ، وشَرْعِيٌّ، والشّرعيُّ، في حالِ التّعارُض، مُقَدَّمٌ على قَسِيمَيْه، يقولُ الدّكتور عَبْدُ الكريمِ حامدي: "إنّ الوُقُوفَ عِنْد المُسَمَّياتِ الشَّرْعيةِ، ومُرَاعاتِها أثناءَ البحثِ والاسْتِنْباط، وعَدَمَ الخَلْطِ بينها، وبين غَيْرِها، مِنَ المُسَمَّياتِ اللُّغَويةِ، والعُرْفيّة، مُفِيدٌ في إدْراكِ مُرادِ الله تعالى مِنَ النُّصُوصِ والأحْكام"([2]).
ومِنْ مَفْهُومِ هذا أنّ القرآنَ كتابٌ جاء لِبَيانِ الشّريعةِ، لا لِبَيَانِ اللّغة، ومِنَ الأُصُولِ الـمُوَجِّهةِ للآلةِ اللّغويةِ، في التّفسير، ما يَلي:
1/ مُراعاةُ عَربيّةِ النُّزُول (= عَربيّة التَّنَزُّل): والـمُرادُ بذلك حملُ ألفاظِ القرآنِ الكريمِ على مَعاني اللُّغَةِ التي نزلَ بها، لا اللّغة اللاحقةِ على زمانِ نُزُوله؛ ذلك أنّ القرآنَ راعى في خطابِهِ لسانَ القومِ الذين نزل فيهم، واللّغةُ تتطوّر بتطوُّرِ حياةِ النّاس، ويُرَى ذلك في تَبَدُّلِ دلالاتِ ألفاظِها على نحوِ ما هُوَ مُبَيَّنٌ في قوانينِ التّطوُّرِ اللّغوي، ونجدُ لهذا الأصلِ اصْطِلاحاتٍ عديدةً تَصُبُّ كلُّها في معنى وُجُوبِ الأخذِ، في التَّفْسير، بمعهودِ العربِ في كلامِها، يقولُ الدّكتور صالح سبوعي، في سِياقِ تَبْيينِ تأصيلِ الشّاطبي لفهمِ النَّصِّ الشّرعي: "أخذَ الشَّاطبيُّ، رحمه الله، يُبَيِّنُ آراءَه اللّغويةَ التي يُمْكنُ أنْ تزيدَ في تأصيلِ مَبادئِ فهمِ النَّصّ، وإيضاحِ مَعَانيه، والوُقُوفِ على دلالاتِه، ومَقَاصِدِه، وأَوَّلُ وسيلةٍ، لذلك، هي مَعْرفةُ اللِّسَانِ الذي نزلَ به ذلك النّص، وما دام القرآنُ عربيّاً فإنّه يَسْلُك في فَهْمِه، والاستنباطِ منه، مَسْلَكَ معهودِ العربِ في تقريرِ مَعَانيها، ومَنَازعِها في أنواعِ مُخَاطباتِها... ويَتَحدَّدُ معهودُ العربِ، عِنْد الشّاطبيّ، بفهمِ العربِ حالَ نزولِ القرآنِ باعتبارِهِم كانوا الأقْرَبَ إلى مَناهِلِ اللّغة، والأَدْرى بقرائنِ الأحوال، وإنّ أيِّ تجاوزٍ لذلك المعهود، والاكتفاءَ بتأويلِ اللّفظ، والفهمَ منه على حَسْب الهَوى، فإنّه تَخَرُّصٌ مُؤدّاه إلى سُوء التّأويلِ وفَسَادِه"([3]).
كما يقولُ الدّكتورُ عبدُ الكريمِ حامدي مُفصِّلاً، في شرحِ هذا الضّابط: " لَمّا كانت نُزُولُ القرآنِ نَزَلتْ بلسانِ عربيٍّ مُبِين، كان على النّاظرِ فيها أنْ يكونَ مُتَمَكِّناً ممّا يَلي:
أ- مَعْرفةِ قواعدِ البيانِ العربيّ، ومَقَاصدِ خطابِ العرب؛ لئلّا يقَعَ في زلَّةِ الفهم، فَيَسْتَنْبِطَ مَعانيَ بعيدةً عَنْ مقاصِدِ الشّارع.
ب- معرفةِ عاداتِ العربِ أيامَ نزولِ الوَحْي؛ لأنّ القرآنَ نزل مُراعياً عُرْفَهُم في الخِطاب، وهذا لا يتمُّ إلا بمعرفة القرائنِ المُحْتَفَّةِ بنزولِ القُرْآن؛ كأسبابِ النُّزُول، وغَيْرها، وهذا جارٍ في الألفاظِ والمعاني على السَّواء.
ت- اختيارِ المعاني الغالبةِ عِنْد العرب، القابِلةِ للفهمِ، عند جُمْهورهم، لا عند خَواصِّهِم، ليتحقَّقَ مقصدُ الشارعِ مِن الخطابِ، وهو الفهمُ والعمل، ومِنْ ثمَّ، عليه أنْ يتجنَّبَ التّكلُّفَ في اختيار المعاني الدّخيلة، والغريبة، والغامضة، كما يتجنَّبُ المعانيَ المَجازيّةَ غَيْرَ المعهودةِ لَدَيْهم"([4]).
كما نَلْقَى، عند الدكتور عبد الرحمن بودرع، قَوْلَه في إيضاحِ أوّلِ مُكوِّناتِ السِّياقِ اللّغويِّ للقُرْآن الكريم: " هذا، وإنّ اللغةَ التي يَنْبغي أنْ تُعَدَّ مَرْجِعاً في تفسيرِ القرآنِ الكريمِ، واسْتِنْباطِ الأحكامِ منه، هي اللّغةُ التي كانت مُتَداولةً في عَصْرِ التّنزيل، دون الالْتِفاتِ إلى اللّغة الحادثة، وما طَرأَ عليها في العُصُور التّالية مِنْ تَطَوُّرٍ في دلالاتِ الألفاظ، ممّا لا يَنْبغي تحكيمُه في فَهْمِ القُرآن الكريم"([5]).
وعلى هذا الأساسِ نهضتْ مشاريعُ كثيرةٌ للتّنبيهِ على أنّ لغةَ القرآنِ تستقلُّ بخصائصِها، ومميِّزاتها، ما يُقالُ معه بأنّ للقرآنِ مصطلحاتِه التي لا سَبيلَ إلى فهمِها إلا عَبْر البحثِ في زمانِ نُزُوله، وعاداتِ خطابِ القومِ، في زمانِ نُزُوله، ومِن هذه السّبيلِ أخذَ معهدُ الدّراساتِ الـمُصْطلحيةِ، ومعهدُ البُحُوثِ والدّراساتِ العِلْميّة (مبدع)، فيقولُ الدّكتور الشّاهد البوشيخي، في تقديمِه لبعضِ أعمالِ الـمَعْهَدَيْن: " الدّراساتُ المُصْطلحيةُ مفتاحُ مفاتيحِ علمِ القرآن؛ إذْ هي الطريقُ المُعبدُ للتّمكُّنِ مِن "مفاتيحِ العُلوم" وهي الطريقُ الأسْلَمُ لتسلمَ مفاتيحُ أيِّ عِلْم، وهي المنهجُ الأمْثَلُ المُرشّحُ أكثرَ مِن سواه حتى الآن، لاستخلاصِ الخصوصيةِ الدلاليةِ لألفاظِ القرآن، والضّبطِ المَفْهوميِّ الجامعِ لمصطلحاتِ القرآن، وأنْساقِ مفاهيمِ القُرْآن، والنَّسَقِ الكُلِّيّ المَفْهُومي للقُرآن"([6]).
ومِن أجلِ ذلك، أَمْكننا، اليومَ، الوقوفُ على بحوثٍ جليلةٍ، مِنْ مِثل:
- تَدَبُّرٌ في مفرداتٍ قرآنيّة، الصّدق، النِّفاق، البَصْطة، القِصّة، الدّكتور عبد القادر محجوبي، مطبعة آنفو – برانت بفاس، الطّبعة الأولى، 1434ه، 2013.
- مفهومُ الآيةِ في القُرْآنِ الكريم والحديثِ الشّريف، دراسةٌ مصطلحيةٌ وتفسيرٌ موضوعيّ، الدكتور امحمّد الينبعي، مؤسّسة البحوثِ والدّراسات العِلمية (مبدع)، ودار السّلام للطّباعة والنّشر، الطّبعة الأولى، 1435ه، 2014.
- مفهومُ الاسْتِكْبار والاستعطافِ في القُرْآن الكريم، دراسةٌ مُصْطلحيةٌ وتفسيرٌ موضوعيّ، الدّكتور مصطفى أوعيشة، دار السّلام للطباعة والنّشر والتوزيع بالقاهرة، الطّبعة الأولى 1435ه، 2014.
- مفهومُ البيانِ في القرآن الكريم، الدّكتورة فاطمة بوسلامة، مجلّة "التّرتيل" مركز الدّراسات القرآنية، التّابع للرّابطة المحمّدية للعُلَماء بالرّباط، العدد الأول، يونيو 2013.
- مفهومُ النِّعْمة في القرآن الكريم والحديث الشّريف، دراسةٌ مُصْطلحيةٌ وتفسيرٌ مَوْضوعي، الدّكتور عبد المجيد بن مسعود، الطّبعة الأولى 2011.
- مفهومُ الأمّة في القرآن والحديث الشّريف، الدّكتور عبد الكبير حميدي، الطّبعة الأولى 2010.
- مَفْهومُ السّلام في القرآن الكريم والحديث الشّريف، الدكتور الطّيّب البوهالي، الطّبعة الأولى، 2010.
- مفهومُ الحياةِ في القرآن والحديث، الدّكتور محمّد الأحمدي، الطّبعة الأولى 2011.
وغيرُ هذا كثير، وكلُّه في سبيلِ تَعَرُّفِ الـمُعْجَمِ الاصطلاحيِّ الخاصِّ بلغة القرآنِ؛ فلا تَعْدُوه الأنظارُ إلى سِواه مِن الفُهُومِ الحادثةِ بعد نُزُولِه.
2/ تَقديمُ المعنى الشّرعيِّ على اللُّغَوي: ذلك لأنّ القرآنَ الكريمَ كتابٌ جاء لبيانِ الشَّرْعِ والأحكام، لا لبيانِ اللّغة، وإنّما اللّغةُ وسيلةٌ، لا غاية، والـمعاني، عِند العُلَماء، أو الحقائقُ الـمُسْتفادةُ مِن اللَّفْظ أربعةٌ، هي:
- المَعْنى اللّغويّ ، أو الحقيقةُ اللُّغَوية: وهي اللّفظةُ الـمَوْضوعةُ، في أَصْلِ اللّغة، لمعنًى اسْتَمَرَّ مِنْ غَيْرِ طُرُوءِ ناسخٍ عليه([7])، أو هي اللّفظُ الـمُسْتَعْمَلُ في ما وُضِعَ له ([8])، والحقيقةُ الّلغويةُ هي آصَلُ الحقائق، ويُسَمّيها الكَفَويُّ "الحقيقة الكاملة"، ويقولُ في تعريفِها: "كلُّ لفظٍ إذا اسْتُعْمِلَ فيما هو مَوْضوعٌ له فهو حقيقةٌ كاملة"([9]).
- المعنى العُرْفيُّ، أو الحقيقة العُرْفية: وهي اللّفظةُ التي انْتَقَلَتْ عَنْ مُسَمَّاها إلى غيره بعُرْفِ الاسْتِعْمال، لا مِنْ جهة الشَّرْع ([10])، وهي اللّفظُ الذي نُقِل عَنْ موضوعِه الأصليِّ إلى غيره لِغَلَبَةِ الاستعمالِ وصار الوضعُ الأصليُّ مهجوراً ([11]). وهي قِسْمان:
أ- حقيقةٌ عُرْفيةٌ عامّة، وهي اللّفظُ الذي وُضِع لغةً لمعنى ولكنْ اسْتَعْمَله أهْلُ العُرْفِ العامِّ في غير هذا المعنى، وشاع عندهم استعمالُه فيه، ومثالُه: لفظُ "دابّة"؛ فإنّه اسْتُعْمِلَ عُرْفاً فيما له حافرٌ؛ كالفَرَس والحمار، وغيرهما، مع أنّه موضوعٌ لغةً لكلِّ ما يَدِبُّ على وجهِ الأرض.
ب- حقيقةٌ عُرْفيةٌ خاصّة، وهي اللّفظُ الذي وُضِعَ لغةً، واسْتَعْمَله أهلُ العُرْفِ الخاصِّ في غيره، وشاع عِنْدهم اسْتِعْمَالُه فيه، حتى صار لا يُفْهَمُ منه، عندهم، إلّا هذا المعنى؛ كالرّفعِ، والنّصب، والجرّ، بالنّسبةِ للنَّحْويين، والجوهرِ، والعرْضِ، بالنّسبةِ للحُكماءِ والـمُتَكلّمين، ونحوِ ذلك ([12]).
- المَعنى الشّرعيُّ، أو الحقيقةُ الشَّرْعية: وهي كلُّ لفظٍ وُضِع لمعنى، في اللّغة، ثم اسْتُعْمِل في الشَّرْعِ لمعنى آخر، مع هِجْرانِ الاسْمِ اللُّغويِّ، عند الـمُسَمّى، بحيث لا يَسْبِقُ إلى أفهامِ السّامعين الوضعُ الأوّل، فهو حقيقةٌ شرعيةٌ، لا يقبلُ النّفيَ أصلاً؛ كالصّلاةِ؛ فإنّها وُضِعَتْ للدّعاء، ثم صارت في الشّرع، عبارةً عن الأركانِ الـمَعْلومة ([13]).
والحقيقةُ اللّغويةُ هي الأصلُ، كما قدّمنا، مِنْ حيثُ احْتِياجُ الحقيقتينِ؛ العُرْفية، والشّرعية، إلى معرفةِ النّاقلِ إليهما، أمّا اللّغويةُ فأصالَتُها ثابتةٌ لها بالوضع، لذا قُضِيَ بأنَّ النَّقْلَ خلافُ الأصل؛ فاللّفظُ إذا دار بين أنْ يكونَ منقولاً، وبين أنْ يكون مُبْقًى على الحقيقةِ اللّغويةِ، كان الثّاني أَوْلى ([14])؛ ذلك لأنّ الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان، أما نَقْلُه عن وَضْعِه الأوّل فهو خلافُ الأصلِ، ويَفْتَقِر إلى الدّليل([15]).
لكنَّ الحقيقةَ الشَّرعيّةَ مُقَدَّمةٌ، في حالِ التَّعارُض، على قَسِيمَتَيْها، لأنّ مَأْتى بعضِ الزّللِ في التّفسير، حاصلٌ مِنْ "قومٍ فَسَّروا بمجردِ ما يَسُوغُ أنْ يُريدَه بكلامِه مَنْ كان مِن النّاطقين بلغةِ العرب، مِنْ غَيْر نظرٍ إلى المُتكلّم بالقُرْآن، والمُنَزَّلِ عَلَيه، والمُخَاطِب"([16]).
وهو الذي بَنَى عليه الدّكتور عَبْدُ الرّحمن بُودرع قَوْلَه: "أَجَلْ، تقديمُ المَعْنى الشّرعيِّ على المعنى اللّغويّ، فلا يَسُوغُ أنْ يُفَسَّرَ القرآنُ الكريمُ بمجرّدِ العلمِ بدلالةِ اللّفظِ في كلامِ العربِ مِنْ غَيرِ نظرٍ إلى المُتكلِّمِ بالقرآن، والمُنزَّلِ عليه، والمُخاطَب به، وسياقِ الكلام" ([17]).
ويقولُ الدّكتور أحمدُ سعدِ الخطيب، في مِثْلِ هذا: "والحقيقةُ الشّرعيةُ لها حقُّ الصّدارةِ على اللّغويةِ عِنْد تفسيرِ اللَّفْظِ القُرْآني، إلا إنْ دلَّ دليلٌ على إرادةِ اللّغوية" ([18]).
وبهذا يَظْهرُ أنَّ التَّمْييزَ بين الحقيقةِ اللّغويةِ، والشّرعية، وتقديمَ الأخيرةِ أصلٌ واجبٌ الإلمامُ به على مَنْ يبتغي الـمُشاركةَ في التّفسير، وعلى مَنْ يَرُومُ تحصيلَ التّأهيلِ اللّغويِّ للتّفسير؛ إذْ هو مِنْ جملةِ الضّوابطِ الـمُقَرَّرةِ لفَهْمِ النّص، كما يقولُ الدّكتور عَبْدُ الكريمِ حامدي: "إنّ الوُقُوفَ عِنْد المُسَمَّياتِ الشّرعيةَ ومُراعاتِها أثناءَ البحثِ، والاسْتِنْباط، وعدمَ الخَلْطِ بينها، وبين غَيْرِها، مِنَ المُسَمَّيَاتِ اللّغويةِ والعُرْفيةِ مُفيدٌ في إدْراكِ مُرَادِ الله تعالى مِنَ النُّصُوصِ والأَحْكام" ([19]).
3/ مُراعَاةُ الأصلِ اللُّغويِّ الجَامِع: وممّا يَدْخُلُ في مُكَوِّناتِ العُدَّةِ اللّغويةِ للتّفسيرِ ما يُسَمّى بـ "الأصلِ اللّغويِّ الجامع"، وهو كما عَرَّفَهُ الدّكتور محمّد قَجْوي: "الْتِماسُ المُفَسِّرِ لأصلٍ جامعٍ يَنْتَظِمُ ما تَصَرَّفَ مِنْ وُجُوهِ مَعاني اللّفظِ المُشْتَرك، يَرْجِعُ إليه تِلْك المعاني، ويجمَعُها فيه، وهو بحثٌ لُغَويٌّ دقيقٌ يُمَكِّنُ المُتَتَبِّعَ لمِثْلِ هذه الألفاظِ، في سِياقاتِ القُرْآنِ، مِنْ فِقْه سِرِّ هذا التّصرفِ في المعاني، وهذا التّنَوُّعِ في الاسْتِعْمال، ويُسَاعِدُه على إدراكِ وُجُوهِ التّلاقي بين هذه الاسْتِعْمالات، وَوُجُوهِ تَنَوُّعِها"([20]) وهو ما يُعَبَّرُ عنه بمنهجِ "الوُجُوه والنّظائر"؛ حيثُ يَعْمَدُ الـمُفَسِّرُ إلى تَتَبُّعِ معنى اللّفظِ في كلِّ مواضِعِ وُرُودِه، ويَرُدُّ ذلك إلى أصلٍ جامعٍ، ويُـَمَيِّزُ الوجوهَ، ويكشِفُ عَنْ علاقتِها بذلك الأصل([21]). ولَقَدْ قَرَّرَ العُلَمَاءُ لهذا الأصْلِ دَوْرَهُ فَأَوْلَوْهُ عِنايةً بالغة ([22])، ومِنْ فُرُوعِه عِلْمُ الكُلِّيَّات، ومِنْ أَمْثِلَتِه:
- قال يحي بْنُ سلّامٍ في قَوْلِه تعالى: (بِئْسَما اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُم) [البقرة: 89،]: "وكُلُّ شَيْءٍ في القُرآنِ "اشْتَرَوْا": فهُوَ شِراءٌ إلّا هذه الآية، وكلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ "شَرَوْا" فَهُو بَيْع" ([23])
- قال الضّحّاك والسُّدِّي: "كلُّ كأسٍ في القُرْآن: فهي الخَمْر"([24]).
وغيرُ هذا كَثير([25]).
ومِنْهُم مَنْ سَمّاه "عَادةُ القُرْآن"، وهِي: "تِكْرارُ ورودِ لفظٍ، أو تركيبٍ، أو أسلوبٍ، في القرآنِ لِيَدُلَّ، غالباً، على معنى مُعَيَّنٍ، وقولُنا: "غالباً" يُشِيرُ إلى أنّ مُخالَفَةِ العادةِ، مرةً، أو مرّتين، لا يَقْدَحُ فيها، لكنّ هذه المخالفةَ لا تُعْتَبَرُ إلّا إذا دلَّ عليها دليلٌ، أو كانت مِن الوضوحِ بحيثُ لا تحتاجُ إلى دَليل"([26]).
فالعملُ بمنهجِ الوجوهِ والنّظائر، أو مُراعاةُ الأصلِ اللّغويِّ الجامع، أو الكُلِّيّات، كلُّ ذلك مما يجبُ على الـمُفَسِّرِ مُراعاتُه، والأخذُ به، وهو قريبٌ مما سمّاه الدّكتورُ بودرع: "تَتَبُّعُ الكلمةِ القُرْآنيةِ في موارِدِها المُخْتَلِفة"([27]).
4/ العِلْمُ بمُفْرداتِ القُرْآن: وذلك بالإحاطةِ بكلِّ العلومِ التي تُعْنَى ببحثِ الـمُفْرَدَةِ القُرْآنية؛ كعِلْمِ الغَريب، وعِلْمِ الـمُبْهَماتِ، وعلمِ ما وقع في القرآن مِنَ الأسماءِ، والكُنى، والألقاب، وعِلْمِ الفُرُوقِ اللّغويّة، وعِلْمِ ما وقعَ في القُرْآنِ بغيرِ لُغَةِ العرب([28])، وكذا كلُّ ما يَعْرِضُ للّفظِ مِن احتمالاتٍ لغويّةٍ مُـخِلَّةٍ بالقَطْع؛ كالاشْتِراك، والنّقلِ، والـمَجَاز، والتّخصيص، وغيرِ ذلك([29])، وكذا العِلْمُ بالضّوابطِ الـمُحَدِّدَةِ للعلاقةِ بين الظّاهرِ والباطِن([30]).
5/ المعرفةُ بالخصائصِ البَيَانيةِ لِلُغَةِ القُرْآن: ذلك أنّ للقرآنِ الكريمِ خصائصَ بيانيّةً تَسِمُ خِطابَه فَتَعْلُو به إلى مَرْتبةِ الإعْجَاز، ومِنْها:
- إقامةُ بعضِ الصّيغِ منزلةَ بعضٍ آخَر.
- تنزيلُ بعضِ الأفعالِ منزلةَ بعضٍ آخَر.
- إطْلاقُ الخبرِ وإرادةُ الأمْر.
- التّفصيلُ بعد الإجمال.
- تلوينُ الخطابِ وتَنْويعُه.
- صِفةُ الجمْعِ والكُلِّيّةِ في العِبارةِ القُرْآنية ([31]).
6/ هَيْمَنَةُ لغةِ القرآنِ الكريمِ على لُغةِ العَرب: وهو مَبْدأٌ يَعُمُّ أُصُولَ التّفسيرِ اللُّغَويةِ كلَّها؛ والهيمنةُ معناها العُلوُّ والحاكِمِيّة، وهي مَظْهرٌ مِن هَيْمَنَتِه على ما سَبَقه مِن الكُتُبِ والشّرائع، ويقولُ الدّكتورُ عبدُ الرّحمن بودرع، في بَيَانِ مظاهرِ هذه الحاكِمِيّة: "ومِن مظاهرِ الهَيْمنةِ المذكورةِ، أنّه لمّا نزلَ القرآنُ الكريمُ أضافَ إلى العربيةِ ما لَمْ يكنْ فيها مِن غِنًى في المُعْجمِ، وقوّةٍ في التّعبيرِ، وتَوسُّعٍ في الدّلالاتِ المَجازيةِ، والاسْتِعَاريّة، واشْتِقاقٍ، وتوليدٍ في الصِّيَغِ الصّرفيةِ، وتعريبٍ للمُوَلَّدِ، والدّخيلِ ... أو بمعنًى آخَر: عِنْدما نقولُ نزل القُرْآنُ الكريمُ بلغةِ العربِ فَجَّرَ ما بداخِلِها مِنْ طاقاتٍ، وبثَّ فيها كلَّ القُدُراتِ، والإمْكاناتِ التي تُمَكِّنُها مِن اسْتِعْمالِ الخِطابِ القرآنيّ"([32]).
وقد يُبْنى على هذا أنّ الباحثَ في لغةِ القرآنِ لا يَقْدَحُ في نتائِجِه عدمُ اسْتِجابَةِ لغةِ العربِ لِـمُوجبِ ما انْتَهى إليه مِن النّتائج؛ لأنّ للقرآنِ ما يَعْلُو به، ويُـمَيِّزُه، ويُـحِلُّهُ محلَّ الهيمنةِ والحاكِمِيّة.
7/ مُجَاوزةُ المَعْنى الإفْراديِّ إلى التّركيبيّ: أي أنّ طلبَ المعنى مِنَ النَّصِّ الشّرعيِّ يكونُ بالعنايةِ بالمعنى التّركيبي، وما يُسْتفادُ مِنَ النّظْرةِ الكُلّية([33])؛ فالكلمةُ الـمُفْردةُ غيرُ ذاتِ دلالةٍ إلّا بما تأخُذُهُ مِنْ سِباقِها ولِـحَاقِها، ومجملِ ما يُسْتفادُ مِنْ عَلاقاتها التّركيبيّةِ التي تكشفُ عَنْ وظيفتِها النّحوية، وهو بعضُ مَقُولاتِ مَنْهجِ العَمَلِ بالسِّياقِ اللُّغَويّ([34]).
8/ العَمَلُ بمنهجِ السِّياق: ويتعيّنُ العلمُ بكلِّ ضُروبِ السِّياقِ الـمُشاركةِ في تَبَيُّنِ مدلولاتِ الألفاظِ والتركيبِ، وهِي:
- السِّياقُ الـمَكانيّ.
- السِّياقُ الزّمانيّ.
- السِّياقُ الـمَوْضُوعيّ.
- السِّياقُ الـمَقَاصِديّ.
- السِّياقُ التاريخيّ.
- السِّياقُ اللُّغَويّ([35]).
ويُفَرَّعُ على هذا الحديثِ حديثٌ عنِ النّظرةِ الكليّةِ التي تُلْتَمَسُ معها وجوهُ الترابُطِ بين أجزاءِ النّسيجِ اللّغويِّ، في الخطابِ القُرْآني، يقولُ الدّكتورُ عبدُ الرّحمن بودرع: "وفائدةُ الرُّؤْيةِ الكليةِ جَعْلُ أجزاءِ الكلامِ بعضِها مُرْتبطاً ببعضٍ حتى يصيرَ التأليفُ كحالِ البناءِ المُحْكمِ المُتَلائِمِ الأجْزاء"([36])، وهذا مُؤدّاهُ أنّ القُرْآنَ لا يُفَسَّرُ إلا في ضَوْءِ قاعدةٍ هامّةٍ هي أنّه نصٌّ واحدٌ كالجملةِ الواحدةِ، وكالكلمةِ الواحدة، وهو ما دَعا إلى بحثِ ما يُسَمّى بالتّناصِّ القرآني على أنّه دراسةٌ في أشكالِ العلاقةِ بين الآياتِ القُرْآنيةِ الكريمة ([37]).
وممّا يَدْعَمُ مبدأَ كَوْنِ القرآنِ نسيجاً واحداً آخذاً بعضُه في حَجُزِ بعضٍ العملُ بمنهجِ "الجمعُ البَيَاني" وهو منهجٌ قد كُنّا دَعَوْنا إليه عَبْر أشغالِ المؤتمرِ العالميِّ الثّالثِ للباحثين في القرآنِ الكريمِ وعُلُومِه، في موضوعِ "بناءِ عِلْمِ أصولِ التّفسيرِ، الواقعُ والآفاق"، بفاس المغربيّة، ويتعلّقُ بالتّشابُهِ اللَّفْظيّ في القرآن الكريم، والجمعُ البيانيُّ هو " التّفسيرُ البيانيُّ لمحلِّ الاختلافِ بين المُتَشابهاتِ اللّفظية، في القرآنِ الكريم، بما يَصِلُ بين كلِّ مَوْضِعَيْن فيه على وجهِ التّعزيز، أو على وجهِ التّمييز، بما يَسْلَمُ مِنْ إِفْهامِ التّدافُعِ بينهُما".([38])
والدّراساتُ الـمُنْجَزةُ في بيانِ دَوْرِ السّياقِ في فهمِ الخطابِ الشَّرْعيِّ تجلُّ عَنِ الحصر([39]).
والحقُّ أنّ ثمةَ مَشْروعاً رائداً قد دَعا إليه الدُّكْتور عبْدُ الرحمن بودرع في بِناءِ نظريّةٍ جامعةٍ لأصولِ التّفسيرِ اللّغويةِ تحت مُسَمّى: "أُصُولُ البيانِ في البناءِ النَّصِّيِّ للقُرْآن"، وهذه مُفْرداتها الأساسِيّة:
- يَسْتَهِلُّ الدّكتورُ بودرع عَرْضَه لِـمَشْروعِه الـمُقْتَرَحِ بتعريفٍ له، فيقولُ: " أصولُ البيانِ مبادئُ مَرْعيةٌ، وقواعدُ، وضوابط تُوصِلُ بالأدلةِ والقرائنِ المُصَاحِبةِ، وصِحَّةِ النظر إلى العِلْمِ بالنصِّ القُرْآني" ([40]).
- ثم يأخُذُ في عَرْضِ مبادئِ مُقْترَحِه، وهي:
1- مَبْدأُ الاقْتِرانِ اللّغوي: ومعناهُ تظافُرُ عِدّةِ علومٍ، وفُنُونٍ لإصابةِ الفهمِ وتحصيلِه؛ ذلك لأنّ القرآنَ هو نسقٌ ذو حاكِمِيةٍ، وعُلُوٍّ على لُغةِ العرب-وقد تقدّم- فليس يمكنُ تفسيرُه بالاقترانِ الـمُفْردِ بأنْ يُكْتفى بمقولاتِ عِلْمِ منفرد؛ فالعلومُ اللّغويةُ الـمُشْتَرَطَةُ لتفسيرهِ مُتَجاذبةٌ شديدةُ التّجاذُب، مُترابطةٌ قويّةُ الترابُطِ لا يحصلُ للراغبِ في تأصيلِ أصولٍ لغويةٍ للتّفسيرِ كبيرُ فائدةٍ في بلوغِ مرامِه بدونِ الاطِّلاعِ عليها جملةً وتفصيلاً ([41]).
2- مَبدأُ هَيْمنةِ لسانِ القُرْآنِ على اللّسانِ العربيّ عامّة: وهو مَبْنيٌّ على أنّ للقرآنِ الكريمِ لسانَه الخاصَّ الذي يتصلُ باللسانِ العربيِّ، كيف يشاءُ، ويَنْفَصِلُ عنه بالعُلُوِّ والهيمنةِ، متى يَشاء، والتّحدّي والإعجازُ بنظمِهِ، وأُسْلُوبِه، وبلاغَتِه، هو وجهُ انْفِصالِه عَنْ لغةِ العربِ بعامّة ([42]).
3- مَبدأُ اسْتيعابِ ما مَضى والإفادةُ مِمّا وُجِدَ اليوم: ومنهُ الدخولُ في مرحلةِ التركيبِ ببناءِ منهجٍ جديدٍ يتّصِفُ بالتكامُلِ والشُّمُولِ مع جمعِ الجهودِ القديمةِ والحديثةِ ذاتِ العنايةِ بالبُعْدِ النّصِّيِّ للقرآنِ الكريم ([43]).
واعتباراً لهذه المبادئِ الـمَنْهجيةِ يقيمُ الدكتورُ عبدُ الرّحمن بودرع مُقْترحَه التّأصيليَّ الـمُكوَّنَ مِنْ الأصولِ التّالية:
- مُراعاةُ مُقْتَضى اللّغةِ العربيّة.
- الرُّؤْيةُ الكُلِّيّة.
- مُراعاةُ قاعدةِ المُنَاسَبة.
- الشّبكةُ التّركيبيّةُ الدّلاليّةُ للكلمةِ القُرْآنية ([44]).
على أنّا نرى أنّ هذهِ النظرية، وإنْ اتَّسَمتْ بالإحاطةِ المحمودة، لَـمْ تُراعِ الفرقَ بين المعاني الـمُسْتفادةِ مِنْ قوانينِ الصِّناعةِ النّحويةِ، والـمَعَاني الـمُحَصَّلةِ مِنَ الـمَعْرفةِ اللّغوية، ولَيْسا سَواء.
- ·المَبْحثُ الثّاني: لُغَة القرآنِ الكريمِ والصِّناعةُ النّحويةُ: أيَّةُ صِلَةٍ؟
يَتَعينُ لبيانِ هذه الصّلةِ أنْ يحصلَ مرورٌ بمفهومِ الصّناعةِ النّحوية، والإطلاقُ، هُنا، مُركبٌ نَعْتيٌّ، مَنْعُوتُه الصّناعة، ونَعْتُه النّحو، والنّحوُ هو: "انْتِحاءُ سَمْتِ كلامِ العربِ في تَصَرُّفِه؛ مِنْ إعرابٍ وغَيره، كالتّثنيةِ، والجمعِ، والتّحقير، والتّكسير، والإضافةِ، والنَّسَبِ، والتركيبِ، وغيرِ ذلك، لِيَلْحَقَ مَنْ لَيْس مِنْ أهلِ اللّغةِ العربيةِ بأهلِها في الفصاحةِ فيَنْطِقَ بها وإنْ لمْ يكنْ مِنْهم، وإنْ شذَّ بعضُهم عَنْها رُدَّ بِه إليها" ([45])
وأمّا الصّناعة، فليستْ تُفْهمُ إلا في سِياقِ التفريقِ بين العلمِ والـمَعْرفة؛ فأمّا العلمُ، فهو في اللّغةِ مُطْلقُ الإدراك، وهو مُرادفٌ للفهمِ والـمعرفة، وقيلَ: لا. والفرقُ بينه وبين المعرفة، أنّ العلمَ يُطْلقُ لإدراكِ الكُلِّياتِ عَنْ دليلٍ، والمعرفةُ لإدراكِ الجُزَيْئات([46])، وقيلَ في العلمِ والمعرفةِ غيرُ هذا ([47]).
لكنّ العلمَ الذي نَرومُ الكلامَ فيه هُنا، هو بمفهومِ العلمِ الـمضبوطِ، والصّناعة، والصِّناعةُ هي ما يحصلُ بالتّمرُّن، كما هي آلةٌ تُؤَدّي باكْتِسابها إلى اسْتِقْلالِ النّتائجِ عن الخضوعِ للإرادةِ الذّاتية، على نحوِ ما نَرى في الرّياضيات. ومقابلُ الصّناعة، أو العلمِ الـمضبوطِ، هو الـمعرفة؛ وهي تقومُ على الاطِّلاعِ، والتّحصيل، ثم إنّ للعلمِ الـمضبوطِ خصائصَ يُعْرفُ بها، وهي:
- المَوْضوعية، وتتحقّقُ بأمْرَيْن هُما الاسْتِقْراءُ الناقصُ، وضبطُ النّتائج.
- الشّمولُ، ويقومُ على أمْرَيْن هُما الحَتْميةُ، وتجريدُ الثّوابت.
- التّماسُك، ويقومُ على عَدَمِ التّناقُضِ، والتّصْنيف.
- الاقْتِصادُ، ويقومُ على الاسْتِغناءِ بالأصنافِ عنِ المُفْرداتِ، وعلى التّقعيد.
ولكلٍّ مِنْ ذلك شرحٌ يَلْقاهُ الباحثُ في كُتُبِ الأُصُول ([48]).
ومِن أَبْرَزِ ما يَفْرزُ بين الصّناعاتِ والمعارفِ نوعُ الاسْتِقْراءِ فيها؛ فتقومُ الصّناعةُ على الاسْتقراءِ النّاقص؛ لأنّ حقائقَها موضوعةٌ للقياس، وتقومُ الـمعرفةُ على الاسْتِقْراءِ التّام؛ لأنّ حقائقَها مَوْضوعةٌ للتّحْصيل([49])، والأولُ مَيْسورٌ لقيامِه على العَيِّنَة ([50])، والثّاني لا سبيلَ إليه لاعتمادِه على الحصرِ الـمُطْلَق، وهو محال([51]).
والنّحوُ عِلْمٌ وصناعةٌ؛ بما له مِن هيكلٍ، وبناءٍ منهجيٍّ تتوفّرُ فيه تلك الـمواصفاتُ كلُّها، والنّحاةُ شَرَعوا في تنفيذِ مَقُولاتِه النظريةَ بتحديدِ الـمُسْتوى اللّغويِّ الذي يتناولونَه بِنَظَرِهِم، فحصَروه ضِمْن حُدودٍ زمانيةٍ ومكانيةٍ، تُرينا إيّاها كُتُبُ أصولِ النّحوِ، وأسُسِه الإبستمولوجية([52])، ثم هُمْ أَعْمَلُوا منهجَ الاستقراءِ الناقصِ مُـمَيِّزين، في ذلك، بين ما يَسْتَمِرُّ على صورةٍ نُطْقيةٍ واحدة، وبين ما يخرجُ عنِ الاسْتمرار، فسَمَّوْا الأوَّلَ مُطَّرداً، وسمّوا الثانيَ شاذّاً، ثم جَرَّدُوا القانونَ على مُراعاةِ الـمُطّرد، وقَضَوْا بأنْ يُقاسَ عليه، وقَضَوْا على الشَّاذِّ بأنْ يحفظَ، ولا يقاسَ عليه([53])، ولذا قيلَ في أُصُولهم: " الاطِّرادُ مَناطُ القِياس"([54]).
وهذا الـمُسْتوى اللُّغويُّ الذي بَنى النّحاةُ عليه عَمَلَهم هو ما يُسَمّى باللّغة الأدبيةِ الـمُشْتركة، وهي لغةُ الثّقافةِ، والسِّياسةِ، والاقتصادِ، والدّواوين التي تقومُ على مَناحي الشّأنِ العامِّ في حياة العرب، وهي كذلك لغةُ قُرَيش، بما كان لقريشٍ مِن السِّيادةِ على قبائلِ العربِ؛ فسادَتْ لُغَتُها بسيادَتها، وإنْ كنّا نجدُ في هذا خلافاً كثيراً ([55])، كما أنّ هذهِ اللغةَ الـمُشْتركةَ هي مِنَ القضايا الكبرى في لُغةِ القرآنِ الكريم([56]).
ونَصِيرُ مِن هذا إلى ترادُفيةٍ ضروريةٍ بين قوانينِ النّحوِ، ولغةِ قريشٍ، ولغةِ القرآن الكريم، والجامعُ بين ذلك كلِّه، والقاضي بترادُفِها، هو اطِّرادُ القوانينِ اللُّغَويةِ، وسَرَيانُها فيها على دَرْجٍ واحد.
وبعيارةٍ أخرى، إنّ النّحاةَ عَمَدُوا إلى فَرْزِ الـمادّةِ اللّغويةِ على ما نُسَلِّمُ فيه لنظريةِ الهوامشِ الـمُتَتابعةِ التي نَعْرضُها هُنا:
- اللّغةُ المُشْتَركةُ القِياسيةُ.
- اللغةُ المُشْتركةُ غيرُ القِياسيّة.
- اللّغةُ الخاصّة.
- اللّغةُ المَرْدُودة([57]).
والضّربُ الأوّلُ، هو ما يُسَمّى، لدى الـمُتَقدِّمين، بالـمُطَّرِدِ في السّماع والقياس، ويُسَمُّون الثانيَ الـمُطَّردَ في الاستعمالِ، الشّاذَّ في القِياس([58])، ولغةُ القرآنِ الكريمِ، ولغةُ قريشٍ تقعانِ في ذلك الـمُسْتوى الأوّل الذي هو الغايةُ الـمطلوبةُ، والـمَثَابةُ الـمَثوبة.
ونُؤَسِّسُ على هذا وَصْلَنا بين لُغةِ القُرْآنِ الكريم، والصِّناعةِ النّحويّة، فنُؤكِّدُ على ما يلي:
إنّ النّحوَ صِناعةٌ موضوعةٌ حقائقُها للقياس، وإنما يُقاسُ على الكثير الـمُطَّرِد، والـمُطَّردُ هو الكثيرُ اسْتِعْمالُه في اللّسان، الغالبُ دَوَرانُه في البيان، وعليه الـمُعَوَّلُ في التقعيدِ والتّقنين، وهو الـمَقِيسُ عليه:
- رَوَوْا أنّ يُونسَ بنَ حبيبٍ سأل عبدَ الله بن أبي إسحق الحضرميّ: أَفِي العربِ من يقول السّويق؟ قال: نعم، عمرو بن تميمٍ تقولُها، وما تريد إلى ذلك؟ عليك ببابٍ من النّحو يطّرد وينْقاس([59]).
- رَوَوْا أنّ أحدَهم سأل أبا عمرو بن العلاء: أَخْبِرْني عمّا وضعتَ مما سمّيْتَ عربيّةً أيدخلُ فيه كلامُ العرب كلُّه؟ قال: لا، قال: كيف تصْنع فيما خالفتْك فيه العربُ، وهُمْ حُجّة؟ فقال: أحْمِل على الأكثر، وأُسَمّي ما خالفني لُغَات"([60]).
ولذا اشْترطُوا في الـمَنقولِ الذي يُقاسُ عليه في النحوِ أنْ يكونَ كثيراً، لا قليلاً، مُطَّرداً، لا شاذّاً، قال ابْنُ الأنباريّ: "النّقلُ، هو الكلامُ العربيُّ الفصيحُ المنقولُ بالنّقلِ الصّحيح، الخارجُ عَن حدِّ القِلّة إلى حدِّ الكَثْرة"([61]).
ونَبْني على هذا أموراً:
- يجبُ التفريقُ، بكلِّ وضوحٍ، بين حقائقِ اللّغة، وبين تصوُّراتِ النّحاةِ الذّهنية التي صاغوها، وآمَنُوا بها، وعَمِلُوا بمقتضى التّأسيسِ عليها، والقصدُ مِن هذا أنّ أصُولهم الذهّنيةَ قابلةٌ للمُراجعةِ وعدمِ الأخْذِ بها ([62]).
- ضرورةُ التفريقِ بين أنْ نجعلَ النّحوَ مُعَبِّراً عنْ تُراثٍ ثقافيٍّ لِلأمّةِ، وبين اتخاذِهِ مِعْياراً للحكمِ على هذا التُّراث([63]).
- إنّ النّحاةَ قد اعْتَمَدوا على بعضِ العربيةِ، وحَكَّمُوا ما وصلوا إليه في بَقيّةِ العربيةِ في عصرِ الاحتجاجِ، وفيما وراءَ ما أُطْلِقَ عليه عصْرُ الاحتجاج، ومِنْ هذا، فالنَّحْوُ العربيُّ لا يصفُ العربيةَ، بل بعضَها ([64]).
على هذا الأساسِ يقومُ العملُ في النّحو، وعلى خِلافِه يقومُ العملُ في اللُّغَة؛ فالنَّحْويُّ ينظرُ في اللُّغَةِ على أنها كثرةٌ وقلة، اطِّرادٌ وشُذُوذ، ثم يَصُوغُ القاعدةَ على وفاقِ الـمُطَّردِ ويُراعي في صِياغتها الشرطَ العلميَّ الذي يجعلُها مِنْ قواعدِ العلمِ الـمَضْبُوط([65]).
في حين ينظرُ اللُّغويُّ للغة على أنها مادّةٌ واحدةٌ ذاتُ مستوى واحدٍ، لا فرقَ فيها بين مُطَّرِدٍ وشاذٍّ، إنّما اللّغةُ حقُّها الحفظُ كلُّها.
ومِنْ هُنا يمكنُ تفسيرُ بَعْجِ النحوِ الـمُضافِ للحضرميّ([66])؛ فالرجلُ عَمِلَ على فَرْزِ شُعْبَتَيْ عملٍ في اللغة، هما شُعْبةُ النُّحَاةِ الـمِعْيارية، وشعبةُ اللُّغَويين الوَصْفية، أو شُعْبةُ البَصْريين، وشُعْبةُ الكوفِيّين([67])، أو بالذي تقدّم ذكرُه: فَرَّقَ الرَّجُلُ بين الصِّناعةِ النَّحْويةِ، و بين الـمَعْرفةِ اللّغوية ([68]).
وفي التّسليمِ لترادفيّةِ لغةِ قريشٍ مع الـمستوى الـمُطَّرِدِ، في الاستعمالِ الذي هو مادّةُ النحوِ الـمطلوبةُ ومثابَتُه الـمَثُوبة، وصلٌ للنَّحْو، بما هو صناعةُ قياسٍ، بالقُرآنِ الكريم، مِنْ جهةِ نزولِ القرآنِ بلغةِ قريشٍ؛ ما يعني أنّ لغةَ القرآنِ الكريمِ مُوافقةٌ، غالباً، لقواعدِ النّحوِ مِنْ جهةِ موافقتِها للغةِ قريشٍ غالباً.
ويُظْهِرُ هذا أمرٌ هامٌّ جدّاً هو أنّ الشّاذّ مِن لغة القرآنِ عنْ قواعدِ النّحوِ، هو مواضِعُ محدودةٌ، والسُّؤالُ هُنا: ما الذي يُفَسِّرُ شُذُوذَ هذه الـمَواضِعِ عنْ قوانينِ النّحو؟
ويُقالُ في الجواب:
- إنّ التسليمَ لقُرشيةِ لغةِ القرآنِ الذي يُسْلِمُ هو بِدَوْرِه إلى نحوِيَّتِها، بما أنّ النّحوَ اطِّرادٌ مأخوذةٌ مادتُه مِن لُغةِ قُريش، بما هي اللّغةُ الأكثرُ استعمالاً، أقول: إنّ التسليمَ لهذا التّسَلْسُلَ الاستلزاميَّ يَنْبغي له أنْ يكونَ في دائرةِ الحكمِ الأغْلبيّ، لا الإطْلاقيّ، وتفسيرُ هذا أنّ القرآنَ نزل بلغةِ العربِ مُطْلقاً، وبلغةِ قُريشٍ غالباً، وأنّ قوانينَ النّحوِ موافقةٌ للغةِ قريشٍ بتمثيلِها اللّغةَ الـمشتركةَ القياسية، فالحاصلُ ضرورةُ أنْ تكونَ لغةُ القرآنِ، بإطلاقِها، أَوْسَعَ مِن قوانينِ النّحو، وعلى هذا، فالشَّاذُّ في لغة القرآنِ هو كلُّ استعمالٍ لغويٍّ جاء واقعاً في النطاقِ الزائدِ على نطاقِ النحو، أي على نطاقِ لغةِ قريش، وبعبارةٍ أخرى ما جاء على غيرِ لغةِ قريش.
وثمة سؤالٌ ضروريٌّ يتعينُ التعاملُ معه هُنا بالذّات، وهو:
- هَلْ كلُّ شاذٍّ عنْ قانونِ النحوِ هو لهجةٌ غيرُ قُرَشِيّة؟
ونقولُ في هذا: إنه حكمٌ أغلبيٌّ كذلك، ففي الكلامِ الـمشتركِ، أو اللغةِ النموذجيةِ مِن الانحرافِ عن الاطِّرادِ ما لا يقع تفسيرُه بأنّه لهجة، إنما يقعُ بسُبُلٍ أخرى مِن التوجيه، كسبيلِ الحملِ على التّرخُّصِ عند أمْنِ اللَّبْس، ومِن هذا، نعلمُ أنّ ما خرج عنِ الاطِّرادِ أمورٌ، منها:
- ما جاء على اللهجةِ الخاصّة.
- ما تُرُخِّصَ فيه لأمنِ اللّبس.
وسنأتي لكلِّ واحدٍ منهما بمسألةٍ ندرُسُها.
وههنا ختامُ القولِ النظريِّ في هذا البحث بأنّ الـمتبوعَ مِن توجيهِ الشّاذِّ هو ما أمْكنَ توجيهُه على واحدٍ من هذه الأمور، وما لم يمكن فهو الـمدفوع.
- ·المَبْحَثُ الثّالث: توجيهُ الشُّذُوذِ النّحوي، المتبوعُ مِنه والمَدْفُوع.
1/ المَسْألةُ الأولى: قال الله تعالى، في القصّةِ عنْ فرعونَ يصفُ موسى وهارونَ، وما أظْهَرا له من الـمُعْجزة: (إنّ هذانِ لسَاحِرانِ يُريدانِ أنْ يخرجاكُمْ مِن أرضِكم بِسِحْرهما ويَذْهبا بطريقَتِكم الـمُثْلى) [طه: 63].
والشّاهدُ في (هذان)، والشاهدُ فيه هذه الألفُ التي هي علامةٌ للمرفوعِ مِن الـمُثنى، وهي هُنا فيما حقُّه النّصب، وعلامةُ النصبِ الياء، فكانَ القياسُ: (إنّ هذين)، قال في الألفيّة:
و(ذَانِ) (تَانِ) للمُثَنّى المُرْتَفِع * ................. ([69])
والهاءُ حرفٌ للتنبيه([70])، ويقالُ في تثنيةِ (ذا) ذانِ، فيلتقي ألفان؛ ألفُ (ذا)، وألفُ التثنية، فتحذفُ إحداهما، واختُلِفَ في أيِّهما تحذف، وسيأتي في مَوْضِعِه:
وقد جاءوا في توجيهِ هذا بأقوالٍ، مِنها:
- القولُ الأوّل: أنّ (إنّ) جوابيةٌ، بمعنى (نعم)، فجعلوها حرفاً هاملاً، فارتفع (هذان) بالابتداء؛ لخروجِ (إنّ) عنْ أنْ تكون عاملةً ناصبة، وأيّدوه بقولِ الشّاعر:
بَكَرَ العواذلُ في الصَّبُو * حِ يَلُمْنَني وألُومُــــــــــــــــــــــهُنَّهْ
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَـــــلا * كَ، وقَد كَبِرْتَ فقلتُ: إنَّهْ([71]).
وبِقَوْلِ ابنِ الزُّبَير، لـمَنْ قال له: "لعنَ الله ناقةً حملتني إليك" قال: إن وراكبَها؛ يريدُ: نعم، وراكبَها.
ورَدُّوا الاستدلالَ بالبيتِ بكونِ (إنّ) فيه ناصِبة، والهاءُ اسمها، لا للسَّكْت، وخبرُها في تقدير: إنّه كذلك.
وأما قولُ ابنِ الزّبير فغيرُ جائزٍ فيه ذلك؛ لأنّ فيه حذفاً لجزئَيْ (إنّ)، وهو غيرُ جائزٍ، كما رأوا جعلَ (إنّ) بمعنى (نعم) ضعيفاً لقلّةِ وروده، وعلى التَّسْليمِ لثبوتِه لم يَرَوْا لها وجهاً في هذا الـموضعِ لعدمِ تقدُّمِ ما يقتضي استعمالها([72]). كما رُدَّ هذا بأنّ اللامَ في الخبر هي الـمُسَمَّاةُ الـمُزَحلقة، وقيل: يجوزُ أنْ تكون زائدةً كما زيدتْ في قولِ الشّاعر:
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَه * تَرْضَى مِن اللَّحْمِ بعظْمِ الرَّقَبَه.
وقولِ الشّاعر:
خالي لأنْتَ ومَنْ جريرٌ خالُه * يَنَلِ العُلا ويَكْرُمِ الأخْوالا ([73])
أو أنّها على التّسليمِ بأنّها لامُ توكيدٍ داخلةٌ على مبتدإٍ محذوف؛ أي إنّ هذانِ لهما ساحران، فلمْ تدخلْ على خبر المبتدأ، ورآهُ الزّجّاج، وعرضَه على الـمُبَرِّد وغيره، فقَبِله، وذكرَ له أنّه أَجْودُ ما سَمع في هذا([74]).
وحملوهُ على غيرِ هذا، بأنّ جعلوا دخولَ اللامِ على خبر (إنّ)، وإنْ لـمْ تكنِ النّاصبة، لشَبَهِها بها لفظاً ([75])، ورأَوْا في دخولِ اللامِ على الخبر بُعْدا؛ لأنّه خاصٌّ بالشِّعْر([76])، لكنَّ الألوسيَّ أيَّده بدخولها عليه بروايةِ التّرمذيّ، وأحمد، وابنِ ماجة: (أَغْبطُ أوْليائي عِنْدي لَـمُؤْمِنٌ خفيفُ الحاذِ)، وجعلَه أصْدقَ شاهدٍ في الـمَسْألة، ولكنّ هؤلاءِ الأئمّةَ رَوَوْه بدخولِ (إنّ)، لا كما زعمَ الألوسيُّ([77]).
وأمّا في قراءةِ (إنْ هذان)، بتخفيفِ نونِ (إنّ) فهي النّافية، واللامُ بمعنى (إلّا)، والمعنى: (ما هذان إلّا سَاحران)([78])، وصحّحه الأزهريُّ ([79])، ورأى مَكِّيُّ بنُ أبي طالبٍ القيسيُّ أنَّ في جعلِ اللّام بمعنى (إلا) ادِّعاءً أنْكرهُ البَصْريون([80]).
- القولُ الثّاني: أنّ (إنّ) عاملة، مُفيدةٌ للتّوكيد، لكنّ اسْمَها ضميرُ الشّأنِ المحذوف، والتّقدير: (إنّه هذان)، والجملةُ (هذان لَسَاحران) خبرُها ([81])، وحسَّنَه مكيُّ مع احترازِه بكونِ دخولِ اللام على الخبر، هنا، بعيد ([82])، ولـمْ يُعَلِّق الزّجّاجُ عليه، واكْتفى بعَزْوِه لقُدَماء النّحويين ([83])، ورَوى الألوسيُّ أنّهم ضعّفوه بأنّ ضميرَ الشَّأْنِ موضوعٌ للتّقوية، وما كان كذلك لا يناسِبُه الحذف، وحكَموا على ما رُوِيَ في حذفه بالضّرورةِ والشُّذُوذ([84])، وأنه ليس حذفُه، هنا، كحذفِه مِنْ أنَّ الـمَفْتوحةِ الـمُخَفَّفَة؛ لأنّ الكلامَ معها مَبْنيٌّ على التخفيف، ولو رُدَّ الضّميرُ لزمَ تشديدُ النّون؛ لأنّ الضميرَ يَرُدُّ الأشياءَ إلى أُصُولها ([85]).
وعلى التّسليمِ له يظلُّ بحثُ دخولِ اللّام، وقد جعلَها أبو حيّانٍ فارقةً بين (إنّ) الـمُخَفَّفَة و(إنْ) النّافية؛ فضَعُف بذلك أنْ تكونَ نافية ([86]).
- القَوْلُ الثّالث: أنّ (إنّ) مع تشديدِها مُلْغاة، حملاً لها على الـمُخَفَّفة في عملِها، فكما أَعْمَلوا الـمُخَفّفةَ أهملوا الـمُشَدّدة، أو أنّ إهمالها مِن بابِ الحطِّ مِنْ رُتْبَتِها؛ فإنّ عملَها ليس لها على الأصالة، إنما لِشَبَهِها بالفعل، وما بعدَها مُبْتَدأٌ وخبر، ويَرِدُ بحثُ دخولِ اللّامِ على ما تقدّم، وعَزَاهُ الألوسيُّ للرُّمّاني ([87])، ولَـمْ أجِدْه([88]).
- القولُ الرّابعُ: وهو قولٌ نقلَهُ ابْنُ منظورٍ في اللِّسَان، قال: "وإنْ ثَنَّيْتَ (ذا) قلتَ: (ذان)؛ لأنّه لا يَصِحُّ اجتماعُهما لِسُكونِهما، فتسقطُ إِحْدى الألِفَيْن، فمَنْ أسْقطَ ألفَ (ذا) قرأَ "إنّ هذيْن لسَاحران"([89])، فأعربَ، ومَنْ أسقَطَ ألفَ التَّثْنِيةِ قرأَ "إنّ هذانِ لَسَاحران"؛ لأنّ ألفَ (ذا) لا يقعُ فيها إعْرابٌ"([90]).
وأبَاه ابْنُ بَرِّي بأنّ ألفَ التّثنيةِ إنّما زِيدَتْ لمعنى، وما زيد لـمَعْنى لا يجمُلُ به الحذفُ ([91]).
- القولُ الخامِسُ: وهو أنْ تكونَ على لغةِ قومٍ مِن العرب، وهمْ بنو الحارثِ بنِ كعبٍ، وغيرهِم مِنْ كِنانةَ؛ كخثعمٍ، وبني العنبر، وبني الهجيم، ومُرادٍ، وعُذْرة ([92])؛ فإنّهم يأتون بالـمُثَنّى على صورةِ الألفِ حيثما وقع مِن الإعراب، فيقولون: جاء الزّيدان، ورأيتُ الزّيدان، ومَرَرْت بالزّيدان، قال شاعرُهم:
تَزَوَّدَ مِنا بَيْن أُذْنَاهُ ضربةً * دَعَتْه إلى هابي التُّرابِ عَقِيمُ ([93])
كمَا أَنْشَدُوا:
فأَطْرقَ إطْراقَ الشُّجَاعِ، ولو رَأى * مَسَاغاً لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لصمَّمَا ([94])
وغيرَ هذا، ومُفَادُه أنّ الآيةَ محمولةٌ على لغةٍ مِنْ لغاتِ العرب، وفي القرآنِ مِنْ لغاتِ العربِ الكثير.
وهذا التوجيهُ، هو عِند أهلِ العلمِ، في واحدةٍ مِن مَرْتَبَتَيْن:
- ·أنّهُ أجْوَدُ الأقوال؛ فقد اكتفى به أبو حيّانٍ في النّهر الـمادّ ([95])، فدلَّ على الاختيار، والكَرْمانيُّ في مَفاتيح الأغاني ([96])، وردَّ به الزَّجَّاجُ أقوالَ غيرِه بأنْ وصفَ ناقلَه بأنه رأسٌ في رواية اللّغة ([97])، وقدّمه مَكِّيٌّ فصدَّرَ به أقوالَ التّوجيه ([98])، وصرّح به الألوسيُّ، فقال: "وهُوَ أَجْوَدُ الوُجُوهِ وأوْجَهُها" ([99]).
- ·أنّهُ ثاني أَجْوَدِ الأقوال؛ وهو عِند الزَّجَّاج؛ فقد قدّمَ عليه رأياً له رآه، وهو الـمَصِيرُ بـ (إنّ) إلى معنى (نعم)، وجعلُ اللامِ داخلةً على مُبتدأ محذوفٍ؛ أي: (لهما ساحِران)، قال بعد أنْ أَظْهَر قولَه، وزكّاه برضا الـمُبرّد والجوهريِّ، عنه: "والذي يَلي هذِه (يُشيرُ إلى كلمَتِه في التَّخْريج) في الجَوْدةِ مذهبُ بني كنانةَ في تركِ ألفِ التثنيةِ على هيئةٍ واحدةٍ" ([100]).
والذي نراه، والله تعالى أعْلم، أنّ الحملَ على اللُّغةِ الكنانيةِ أوْلى ما في الـمَسْألة، وأنّ ما سِوى هذا، هو جميعُه آتٍ من خللٍ منهجيٍّ كبيرٍ في بحثِ لغةِ القرآنِ الكريم، وذلك مِنْ وَجْهَيْن أَسَاسيّين:
- أوَّلُهُما: تحكيمُ الضّيّقِ في الواسِع؛ على معنى تحكيمِ قواعدِ النّحو، مع انحصارِها في مستوى الاطّراد، وهو بعضُ اللّغة، وإنْ كان بعضَها الغالب، والـمقرَّرُ عندهم أنّ قواعدَ النُّحاةِ أَضْيَقُ مِن كلامِ العرب، وأنّ شُيُوعَ القاعدةِ لا يعني مُطابقَتَها لسُلوكِ اللّغة ([101])؛ فمفهومُ الإصرارِ على توجيهِ الآيةِ مِنْ داخلِ الـمنظومةِ النّحويّةِ يقعُ على الضِّدِّ مِن التَّسْليمِ لِكَوْنِ الحكمِ على لغةِ القرآنِ بالقُرَشيّةِ حكماً أغْلَبِيّاً، لا إِطْلاقيّاً ([102]). ويُفَسِّرُ هذا الإصرارَ الـميلُ إلى إرضاءِ أصُول الصّنعةِ النحويّة على حِسابِ الـمَعْرفةِ اللّغوية.
لذا، فالأيْسَرُ مِنْ كلِّ أقوالهم، والأدنى للتَّسْليم، هو الحملُ على لغةِ بني الحارثِ بنِ كعبٍ، كما تقدّم؛ لأنّ تفسيرَ الآيةِ واقعٌ في اللّغةِ، لا في النّحو.
وأمّا قولُ الزّجّاجِ بأجْوَدِيَّةِ رأَيِه، فمفهومُه حملُ القرآنِ على النّحوِ، لا على اللّغة، وإنْ بَدا له أنّ رأْيَه مُزَكًّى مِن إمامٍ، أو إمامين جَلِيلَيْن، فهي تزكيةٌ فيها مَرضاةٌ لأصولِ الصّناعةِ النحويّةِ، لا مَرْضاةَ فيها لأصولِ التّفسير بعامّة، وأصولِ التَّفْسيرِ اللّغوية منها بخاصّة؛ وذلك على هذا البَيَان:
- لـمْ نَرَ في عُلماءِ الوجوهِ والنّظائر، والكلّياتِ مَنْ قرّرَ أنّ كلَّ (إنّ)، في القرآنِ، هي بمعنى التوكيدِ ثمّ اسْتثنى التي في آيةِ طه، هذه.
- ·ظُهُورُ انحرافِ هذا التخريجِ على أصلٍ مُعْتبرٍ، وهو مُراعاةُ عادةِ القرآنِ في الخطاب، وقد جرتْ كلُّ (إنّ)، في القرآن، لـمَعْنى التوكيد، وخروجُها، في هذا الـمَوْضِع، عن عادةِ جريانها فيه، مُفْتَقِرٌ إلى الدّليل، والخلافُ المحكيُّ في توجيهِها دليلٌ على افتقارِها إلى الوضُوح الـمُغْني عنِ الدّليل، قال الدّكتور محمّدُ سعدٍ الخطيبُ، في تعريفِ (عادةِ القرآن): "هُو تَكَرُّرُ ورودِ لفظٍ، أو تركيبٍ أو أسلوبٍ، في القرآنِ ليدُلَّ، غالباً، على معنى مُعَيَّنٍ، وقولُنا "غالبا" يُشِير إلى أنّ مخالفةَ العادةِ مرةً، أو مَرَّتَيْن، لا يَقْدَحُ فيها، لكنّ هذه المخالفةَ لا تُعْتَبَرُ إلا إذا دلَّ عليها دليلٌ أو كانت مِنَ الوضوحِ بحيثُ لا تحتاجُ إلى دليلٍ"([103]).
- في تخريجِ الزّجاج، وتخريجِ غيرِه، انحرافٌ عَنْ أصلٍ ثانٍ، هو حملُ الخطابِ القُرْآنيِّ على الإفهامِ والتّفهيم، لا على التّعميةِ والتّلبيس، والتعميةُ في حملِ (إنّ) على معنى (نعم) حاصلةٌ مِنْ وجوهٍ:
وليستْ إنّ، هُنا، عند مَن يخرجُها إلى معنى (نعم)، في انفرادِها، كمِثْلِ كلمةِ (ضيزى)؛ فإنّ كلمةَ ضِيزى هي مِنْ ظهورِ المعنى بحيثُ لا يقعُ فيها اختلاف، ولم يكنْ بها إشكالٌ يَدْفَعُه التّخريج، إنّما نَظَروا في سِرِّ استخدامِها، في ذلك الـمَوْضِع، مِنْ سُورة النّجم، خاصّة، وكلُّ كلمةٍ انفردتْ في لغةِ القرآنِ فانْفِرادُها يُفَسِّرُهُ ظهورُ معناها بما يُغْني عَن التخريج، وعلى طلبِ التَّنْكيتِ في اسْتِعْمالها.
كما لا يخفى أنّ الإجحافَ بأصلِ مُراعاةِ عادةِ القرآنِ الكريم ِ،هو إجحافٌ بآصَلِ أصولِ التفسيرِ وهو تفسيرُ القرآنِ بالقرآن ([104]).
- خروجُها عنِ العادةِ بغيرِ دليلٍ مُبين.
- بناءُ التّخريجِ على الـمعنى الإفراديِّ، لا التّركيبي؛ فإنّه، وإنْ سُلِّمَ لمجيئِها، في كلامِ العرب، بمعنى (نعم)، فإنّ السّياقَ لا يُساعدُ عليه؛ لأنّه لَـمْ يتقدَّمْ في الكلامِ ما تكونُ هي جواباً له، والإخلالُ بالسّياقِ إجحافٌ بواحدٍ مِن آصلِ أصولِ التّفسير كذلك، يقولُ الدّكتور بودرع:"يَقْتضِي منهجُ التّفسيرِ اللُّغَويّ السّياقيّ ألا يقتصرَ المُفَسِّرُ على دلالةِ الكلمةِ المُفردةِ، بلْ يجاوزُها إلى تركيبِ الكلام"([105]).
وأمّا ما ذهبوا إليه مِنْ تضمينِ الكلامِ الـمُتقدِّمِ عليها ما يقتضي اسْتِعْمالها ففيه مِن التكلّفِ ما تأْباهُ بلاغةُ القرآنِ لبُعْدِه ([106])، وهذا التّكلُّفُ يُظْهِرُه أنّ جَعْلَ (إنّ) بمعنى (نعم) مما فيه تشويشٌ على الفهمِ بعدمِ تَبَيُّنِ الـمُناسبةَ بينها وبين ما تَقَدَّمَها، والعملُ بمبدأ الـمُناسبةِ أحدُ الأصولِ الـمُعْتبرة كذلك، يقولُ الدّكتور بودرع: "ويَتّصلُ بمُراعاةِ المُنَاسبةِ علاقةُ الانْسِجامِ في الكلام، وهو شِدَّةُ تماسكِ أجزائِه حتى يَتَحَدَّرَ تَحَدُّرَ الماءِ المُنْسَجِم"([107])، فلَوْ كان في تحميلِ (إن) معنى الجوابِ تحدُّرٌ كتَحَدُّرِ الماءِ ما كان مِنْ داعٍ إلى تَبَيُّنِ ما يُسَوِّغُ اسْتِعْمالها باعتبارِ ما تَقَدّمها مِن الكلام، فكلُّ ذلك ممّا فيه إخلالٌ بمفهومِ الشّبكةِ التّركيبيةِ للكلمةِ القرآنيّة ([108]).
- على أنّا نَرى أَخْطَرَ ما في جَعْلِ (إنّ) جوابيةً ازْوِرارُهُ عنْ أعْظمِ أصولِ التفسيرِ، وأعلاها مَقاماً؛ وهو أصلُ تفسيرِ القرآنِ بالقرآن، وهذا بيانُه، بحولِ الله:
- إنّه قدْ قصَّ القرآنُ الكريمُ عَنْ لقاءِ موسى، وفرعون وسَحَرتِه، في غيرِ هذا الـمَوْضِع، فقال تعالى في الأعرافِ، على لِسَانِ الملأ، مِنْ قومِ فرعون: ( فألْقى عَصَاهُ فإذا هي ثعبانٌ مُبينٌ * ونَزَعَ يَدَه فإذا هي بيضاءُ للنّاظِرين* قال الملأُ مِنْ قومِ فرعونَ إنّ هذا لسَاحرٌ عليم * يُريدُ أنْ يُخْرجَكم مِنْ أرضِكم فماذا تَأْمُرون) [الأعراف: 107-110].
وقال تعالى في الشُّعَراء: (فألقى عصاهُ فإذا هي ثعبانٌ مُبِين* ونَزَع يده فإذا هِيَ بيضاءُ للنّاظِرين * قال للملأ حولَه إنّ هذا لسَاحرٌ عليمٌ * يريدُ أنْ يُخْرِجَكم مِنْ أرضِكم بِسِحْره فماذا تَأْمُرون) [الشّعراء: 32-35].
والقصّةُ، في الـمَواضِعِ الثّلاثِ واحدة، وفي مَوْصُوفٍ واحدٍ، في موقفٍ واحد، فهو إمّا أنْ تكونَ (إنّ) مُؤكِّدةً في كلٍّ، أو جوابيّةً في كلٍّ، فالـمَوْضِعان اللّذان في الأعراف والشّعراء يُرَجِّحان التّوكيد على الجوابية، بلْ يَقْضِيانِ به قضاءً يجعلُ كلَّ نظرٍ فيها بعده غَيْرَ قويمٍ البتّة، بل يجعلُهُ نظرَ مَنْ لا عِلْمَ له بأصولِ التّفسيرِ والبَيَان، ونحنُ، هُنا، نتكلّمُ في العلم، لا في أقْدارِ العُلَمَاء([109])، لذا؛ فإنّ في هذا التّوجيهِ إخلالاً بالقاعدةِ الجزئيّةِ التي تتعلّقُ بإمْكانِ بيانِ الـمُفْرَدةِ بسياقٍ لها أوضحَ مِن الأوّل ([110])، مِنْ حيثُ أنّ اسْتِعْمالها في التّوكيدِ، في الأعرافِ والشُّعَراء، أوضحُ مِنْه في طه، فوجبَ حملُ تفسيرِ موضعِ طه على مَوْضِعَيْ الأعرافِ والشّعراء، والله تعالى أعلمُ بالصّواب.
- وفي وُسْعِنا أنْ نزيدَ في وَصْفِ هذا التّخريجِ بأنّه مخالطٌ لإجحافٍ آخرَ بقاعدةٍ ثقافيةٍ مِنْ قواعدِ التّفسير؛ وهي تتعلّقُ بالتّفسيرِ الـمَوْضُوعي، وإنْ تكنْ مما يَتَفرعُّ على تفسيرِ القرآنِ بالقرآن، ذلك أنّ فيه هجوماً على تفسيرِ (إنّ) بأنّها للجواب، دون ضمٍّ لها إلى الآياتِ التي هي معه ضِمْنَ القِصّةِ الواحدةِ، والـمَوْضُوعِ الواحد([111]).
وبعدُ، فإنّ مَأْتَى هذا الانحرافِ هو تحكيمُ التّخصُّصِ، والصّنعةِ في التفسير، وهو مِنْ جملة الاتّجاهاتِ الـمُنْحرفةِ في تفسيرِ القرآنِ الكريمِ الواجبِ دفْعُها، كما في عِبارةِ الدّكتور محمّد حسين الذّهبي، يقول: "وأخيراً وجدْنا كلَّ مَنْ بَرَعَ في فنٍّ مِنَ الفُنُونِ يغلبُ على تفسيرِه، بصورةٍ واضحةٍ فنُّه الذي بَرَع فيه؛ فالنّحويُّ أكبرُ همِّه الإعرابُ وسَرْدُ مسائلِ النّحوِ وفُرُوعِه"([112]).
وحُكْمُ ما سبق أنّه مِنْ قبيلِ التّوجيهِ النّحويِّ للشّاذِّ، في لُغةِ القُرْآنِ الكريم، التّوجيهُ الـمدفوعُ، لا الـمَتْبوع، التّوجيهُ الواجبُ تجنُّبُه، والابتعادُ عنه لِيَصْفُوَ التفسيرُ مِنْ كلِّ ما فيه إهْدارٌ لأصولِ البيانِ فيه، وقواعِدِه الثّقافية.
2/ المَسْألةُ الثّانية: وهي في قولِه تعالى: (وأَنْفِقُوا مِمّا رزقناكم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أحدَكم المَوْتُ فيقولَ ربِّ لولا أخَّرْتَني إلى أجلٍ قريبٍ فأصَّدَّقَ وأكُنْ مِن الصّالِحين). [الـمُنافقون: 10].
والشّاهدُ، في الآيةِ، في قولِه: (فأصّدّقَ وأكُنْ)؛ إذْ جاء فيه الفعلُ (أكن) مجزوماً، وهو الـمعطوفُ على فعلٍ منصوبٍ بأنْ الـمُضْمَرةِ؛ لمجيئِه بعد فاءِ السّببيةِ الواقعةِ في جوابِ الطّلب ([113])، وفيه شُذوذٌ عنِ اطّرادِ الاشْتراكِ في الحكمِ بين كلِّ مُتَعَاطِفَيْن:
- القَولُ الأوّل: ذهبَ قومٌ إلى أنّ (لولا) مُتضَمِّنةٌ لـمَعنى الشّرط، أو هي مُفْهمةٌ لـمَعْنى الشّرط، وإنْ لـمْ تكنْ مِنْ أَدَوَاتِه، فكأنّه قال: (إنْ أخَّرْتني)، فتكونُ (فأصّدّق) في موضِعِ جزم، وعلى الـموضعِ جاء عطفُ (أكن)، فمِنْ هُنا كان جَزْمُه، ولولا الفاءُ لقال: إنْ أخّرتني أَصَّدَّقْ وأكنْ، وهو قولُ أبي عليٍّ ([114]) والزّجّاج ([115]) وقدْ اسْتَدلُّوا له بقولِ الشّاعر:
فأَبْلُوني بَلِيَّتَكُمْ لَعَلِّي * أُصَالِحُكُم، وأَسْتَدْرِجْ نَوَيّا([116])
فقدْ عطفَ (أستدرجْ) على مَوْضعِ (أُصالحُكم)، ولكنْ لو لـمْ يكنْ (لعلّي)؛ لأنّ الـمَعْنى فأَبْلُوني أُصَالحْكم([117]).
- القولُ الثّاني: وهو للخليلِ، فيما حَكاهُ عنهُ سِيبويه، وجعلتُه ثانياً مع تقدّمِ قائِلِه وناقِله عنه، وجلالةِ قدرِهما؛ لأنّه كالنّقضِ للأوّل، فقال: هو على تَوَهُّمِ الشَّرْطِ الذي يدلُّ عليه التّمنّي لأنّ الشّرطَ غيرُ ظاهر، ولا يُقَدَّرُ حتى يُعْتَبرَ العطفُ على الـمَوْضِع([118]).
واسْتَقْبَحَ الألوسيُّ التّعبيرَ بالتّوهُّم، ورأى أنّ قولَ أبي عليٍّ، والزّجّاج، محمولٌ على توهُّمِ أنّ مَوْضِعَ (فأصّدّق ) موضعُ جزم، وأنّهما قالا بذلك، ولـمْ يُعَبِّرا بالتّوهُّمِ فراراً مِنْ قُبْحِه([119]).
والظّاهرُ في القولين ربْطُهما بمفهومِ التّوهُّم، وهو ما يَسْتَدْعي الكلامَ فيه، وفي ما قرّره النُّحَاةُ له مِن الأحكام:
- ·مَفْهُومُ التَّوهّم: هو واحدٌ مِن السُّبُلِ التي ارْتضاها النُّحاةُ لتخريجِ كلِّ كلامٍ لا يستقيمُ على قواعِدِهم، وقوانِينهم، وقد قِيل في تعريفِه: "هُو تَخَيُّلُ وجودِ ما يَقْتضي نُطْقاً مُعَيَّناً، وجَرَيانُ الكلامِ عليه، أو تَخَيُّلُ خُلُوِّ الموضِعِ ممّا يَقْتَضِي ذلك" ([120]).
- الخلافُ في وُقُوعه: واضطربَ العلماءُ في القول به، وفي وقُوعِه في القرآن الكريم، وتحرّجَ الـمَانِعون مِنْ أنْ يُثْبِتوا في القرآن مِنْه شيئاً، واسْتَبْدلوا به مُصْطَلَحَ (الحملُ على الـمعنى)([126])، تَأَدُّباً، وفراراً مِنْ إفْهامِه معنى الغَلَط؛ إذْ هو كذلك عِنْد بعضِهِم([127]).
- والحقيقةُ أنّنا نحبُّ أنْ نبنيَ مُنَاقشتَنا لهذا التّوجيهِ باعتمادِ مفهومِ القائلين به، وشُرُوطِهم فيه، فإنّا وإنْ سَلَّمْنا لوقوعِ التَّوَهُّمِ في القرآن لوقوعِه في نظامِ اللّغة التي نزلَ بها، وأنّه، بهذا الاعتبارِ، ممّا لا حرجَ فيه؛ لأنّه مفهومٌ لغويٌّ لا إيماني، فإنّا لا نُسَلِّمُ لأنْ يكونَ في القرآن مِنْه شيءٌ لاعتبارٍ خاصٍّ بالقرآنِ مِنْ جهةِ ما يَنْبَغي لِتَفْسِيرِه، وقواعِدِ فهمِه، لأنّه يَسْلَمُ نحويّاً أنْ يُقالَ (إنْ أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ أصَّدَّقْ وأكنْ)، لكنّه لا يَسْلَمُ مع مُرادِ القرآنِ الكريم، لأنّ القرآنّ لـمْ يَسْتعمِلْ الشّرط، إنّما استعملَ (لولا)، ولولا لَيْسَتْ للشّرط، إنّما هي لغةٌ في الاستفهامِ والخبر؛ أيْ في الطّلبِ والشّرط، كما يَرى الفرّاء([128])، ولم يُسَمِّ هذه اللّغة، ومثّلَ لها بهذهِ الآية، وبيَّنَ أنّ (لولا) في التّحضيضِ بمنزلةِ (هلّا)، وأنّها تَنْمازُ عنِ الشّرط بوقوعِ الاسمِ بعدَها.
- والـمفهومُ مِنْ هذا الكلامِ أنّه لا يَلْزَمُ مِنْ رِضا الصِّناعةِ النّحويّةِ مُوافقةُ مُرادِ الله تعالى مِنْ كلامِه؛ لأنّ القرآنَ يُفَسَّرُ بقواعدِ تفسيره مجتمعةً ضِمْن الـمنهجِ الـمُتكامِل، ولا يُكْتَفَى فيه بمقولاتِ فنٍّ بعينِه مُنْفردا، ونُوَضِّحُ هذا بأنْ نَسْأل:
وذكره ابنُ هشامٍ، وجعل له شَرْطَيْن: شرطاً لصِحّتِه، وشرطاً لحُسْنِه؛ فأمّا شَرْطُ صِحَّتِه، فهو صِحّةُ دخولِ العامِلِ الـمُتَوهَّم، وأمّا شرطُ حسنِه، فهو كثرةُ دخولِه هُناك ([121]).
فمِمّا رَوَوْا لحُسْنِه قولُ زُهَير:
بَدَا لي أنّي لَسْتُ مُدْركَ ما مَضَى * ولا سَابِقٍ شيئاً إذا لَمْ يكن جائيا ([122])
فقد عطفَ (سابقٍ) على (مُدْرِكَ) بتوهُّمِ دخولِ الباءِ عليه؛ لكثرةِ دخولها على خبرِ (لَيْس).
وممّا رَوَوْا لقُبْحِه قولُ الآخر:
وما كُنْتُ ذا نَيْربٍ * ولا مُنْمِشٍ فيهم مُنْمِل([123])
فقد عطفَ (منمشٍ) على (ذا)، وهو منصوبٌ، توهُّماً لدخولِ الباءِ عليه؛ أي: وما كنتُ بذي نيربٍ، ولكنّه قبيحٌ، في هذا، لِقِلَّةِ دخولِ الباءِ على خبر (كان).
ثمّ إنّ الخليلَ هو أوّلُ مَنْ وجَّهَ على التّوهُّمِ؛ ذلك فيما حَكاه عنه سِيبويه، وقد سألَه عنِ الآيةِ نفسِها ([124]).
وقدْ اسْتخدمَ سِيبويه نفسُه هذا الـمُصْطَلَحَ في توجيهِ الكلامِ الذي لا يستقيمُ على قواعدِ النُّحاة، كما سار على ذلك مَنْ تلاهُ مِنَ النّحاة ([125]).
ونبّهَ الدّكتور محمود أحمد الصّغير إلى أنّ الفرّاءَ لا يُسَمِّي (لولا) باسمِها؛ أيْ الشّرطية، مِنْ أجلِ أنّه يجعلُها خبراً، لا إنشاء ([129])، كما لـمْ يجعلْ الزّمخشريُّ جملتَها شرطاً، بل في حكمِ الشّرط ([130])
- إنّا، وإنْ سَلَّمْنا بأنّ (لولا)، في الـمُنافقون، واقعةٌ حيثُ يَصِحُّ دخولُ (إنْ) بدلالةِ قولِه تعالى: (ومِنْهُم مَنْ عَاهدَ الله لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِه لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِن الصّالحِين). [التّوبة: 75]، وإنْ اعْتَبَرْنا اسْتواءَ الـمَوْضِعَيْن في الصّوابِ اللُّغَويّ، فإنّا لا نُسَلِّمُ لاسْتِوائِهما في التّفسيرِ لأنَّ (لولا) غيرُ (إنْ).
ونقولُ في الجواب:
- إنّ دَفْعَنا للقولِ بالتوهُّمِ قائمٌ على قاعدةٍ ثقافيةٍ في التّفسيرِ؛ هي أنّ لكلِّ كلمةٍ، في القرآنِ موقعَها الذي لا يَصِحُّ أنْ تقع فيه كلمةٌ غيرها؛ لأنّها في موقِعها مُهَيَّأةٌ لإصابةِ نكتةٍ بيانيةٍ، الناسُ في إدراكِها بين رجلين: مُدْركٍ لها، وجاهلٍ بها، وهذا القولُ بالتّوهُّمِ يقومُ على افتراضِ التّساوي بين اسْتِعْمالِ (لولا) و(إنْ)؛ لأجلِ إرضاءِ الصّناعةِ النّحوية، وغيرُ خافٍ أنّ في الإمكانِ التّفريقَ بين آيةِ التّوبةِ، وآيةِ الـمُنافِقون، مِنْ غيرِ ما وجهٍ، ما يقضِي بأنّ لكلِّ واحدةٍ سياقاً مُغايراً للأخرى، وبه يتّضحُ أنّ تضمينَ (لولا) معنى (إنْ) منظورٌ فيه إلى النّحو، لا إلى القرآن، وفيه انقلابٌ للوسائلِ إلى غاياتٍ، وللغاياتِ إلى وَسَائل، وهو غلطٌ فاحش.
والغلطُ فيه كائنٌ مِنْ جهةِ جعلِ الـمَسْألةِ في اللّغة، لا في القرآنِ الذي له أُصُولُه، وقواعدُه، ومِنْ هذا، فإنّ هذا التّخريجَ مَعِيبٌ مِنْ كَوْنِه تَفَقُّهاً في العبارة، لا في معنى العبارة، وهو خلافُ ما قرّرهُ العُلَمَاءُ مِنْ قواعِدِ ضبطِ علاقةِ اللّفظِ بمعناه([131])، ونُقَدِّرُ أنْ لوْ أَمْكنَ هؤلاءِ النُّحَاة، والخليلُ وسِيبويه على رأسِهِم، بلوغُ النُّكْتةِ مِن اسْتخدامِ (لولا) لامْتَنَعوا عَنْ أنْ يُصَحِّحُوا معنى الشّرطِ فيه؛ لأنّ الألفاظَ تَبَعٌ للمَعاني([132])، والعربُ إنّما أَصْلَحَتْ الألفاظَ للمعاني، وعندَ النُّحَاةِ أنّ "الإعرابَ فرعُ المعنى"، ومعنى القرآنِ يُطْلَبُ مِنْ قَواعِدِه، والعلمُ بالنّحوِ هو بعضُ قواعِدِه.
ومنْ ثمّ، فاستدلالُ النّحاةِ بالتّوهُّمِ، في مِثْلِ هذا الـمَوْضِع، هو صنيعُ قومٍ قال ابنُ تَيْميّةَ بأنّهم: "قومٌ فسّروا القرآنَ بمجرّدِ ما يَسُوغُ أنْ يريدَه بكلامِه مَنْ كان مِن النّاطِقين بلغةِ العرب، مِنْ غَيْرِ نَظرٍ إلى المُتكلّمِ بالقرآن، والمُنَزَّلِ عليه، والمخاطبِ به ...، ثمّ هؤلاء كثيراً ما يَغْلِطُون في احتمالِ اللّفظِ لذلك المعنى في اللّغة .... فَيَسْلُبون لفظَ القرآنِ ما دلَّ عليه، وأُريدَ به، وتارةً يُحَمِّلونه ما لَمْ يَدُلَّ عليه، ولَمْ يُرَدْ به"([133]).
والـمَخْرجُ مِنْ هذا التّوجيهِ الـمَدْفوعِ يكونُ مِنْ سَبِيلَيْن:
- أوّلُهما: الاجتهادُ في طلبِ النُّكْتةِ البيانيةِ في التّعبيرِ بالشّرطِ في مَوْضعٍ، وبالعَرْضِ في آخرَ، ممّا يُشْبِهُه في التركيب اللُّغَويّ، ولهذا بحثٌ مُسْتقلٌّ يقومُ على مُراعاةِ أصولِ البيانِ جميعِها.
- ثانيهما: الـمَصيرُ إلى القولِ بالتّرخُّصِ عِنْدَ أمْنِ اللَّبْس الذي نادى به الدُّكْتورُ تمّام حسّان ([134])؛ فإنّه أَوْلى مِن القولِ بالتّوهُّمِ مِن اعْتِباراتٍ، هي:
- أنّ القولَ بالتّرخُّصِ يقفُ عند وصفِ العبارة، ولا يجاوزُها إلى وصفِ الـمَعْنى الـمُعَبَّرِ عنه، فيتركُه إلى الـمُفَسِّرِ يطلبُه بمراعاةِ قواعدِ التّفسير.
- أنّ القولَ بالتّرخُّصِ مُوافقٌ لقاعدةٍ ثقافيّةٍ في التّفسير، هي ضرورةُ حملِ لغةِ القرآنِ على أنَّ قَصْدَ الشّارعِ مِنْ وضعِ الشّريعة الإفهامُ، لا التّلبيس([135])، وهو مُوافقٌ للتّرخُّصِ مِنْ جِهة قيامِه على أَمْنِ اللّبس.
وقد دَعا الدّكتورُ تمّام حسّان إلى القولِ بالترخُّصِ عند كلِّ كلامٍ جاء مخالفاً للقاعدةِ النّحوية، وجَعَلَه مُتفرّعاً عَنْ نظريَّتِه في تظافُرِ القرائنِ اللّفظيةِ والـمَعْنويّة لإنتاجِ الـمَعْنى النّحويّ، ويقولُ في شرحِ مَعْناه: "والمَقْصودُ بالتّرخُّصِ أنْ تكونَ قرينةٌ ما هي تقتضي المعنى وتُحَدِّدُه، ومِنْ هُنا تُصْبِحُ قرينةٌ أُخْرى فائضةً، وتَدْخُلُ في مفهومِ قولِ ابْنِ مالكٍ:
وحَذْفُ ما يُعْلَمُ جَائِزٌ ... * ...............
ونَحْنُ نَظْفَرُ بالترخُّصِ ونَجِدُه في مختلِفِ القرائنِ فلا تَنْجُو منه آيةٌ واحدةٌ إذا كان اللَّبْسُ مأموناً مع إهمالِها"([136]).
ثمّ مَضى الأستاذُ يُـجْريه على طائفةٍ مِن النّصوصِ القرآنية، على أنّا، وإنْ حَمِدْنا له اجتهادَه في وَصْلِه بالتّفسير، فإنا نزدادُ تسليماً له بإمْكانِ وَصْلِه بأصولِ التّفسير؛ فالأستاذُ قد جَعَله بديلاً لِعِدَّةِ مُصْطَلحاتٍ نحويّةٍ؛ منها "التّوهّم"([137]) الذي يقومُ الفرقُ بينه، وبين التّرخُّصِ في ما يَضْبطُ التفسير؛ وهو أنّ التوهُّمَ يقومُ على تحميلِ اللّفظِ معنًى لَـمْ يُتَوَصَّلْ إليه بالطُّرُقِ التّأْصِيلية؛ وذلك كافتراضِه الشّرطَ في هذه الآية، وهو مَعْدولٌ عنه في الآية، بقرينةِ شبيهَتِها في السُّورةِ الأخرى، وهو افتراضٌ يَنْجُمُ عنه قطعٌ للبحثِ عنِ النُّكتةِ في إيثارِ (إنْ) هناك، وإيثار (لولا)، هُنا، في حينِ لا يَفْتَرِضُ القولُ بالتّرخُّصِ شيئاً مِن الـمَعْنى في اللّفظ؛ لأنّه مُلْتَزمٌ حدَّ اللفظ، ويَأْذنُ بالبحثِ عن النُّكْتةِ في استعمالِ اللّفظِ في ذلك الـمَوْضِعِ الـمُتَرخَّصِ فيه، والله تعالى أعْلَم.
وقد ذهبَ ابْنُ عاشورٍ إلى أنّ اللّطيفةَ في الجمعِ بين الـمنصوبِ والـمَجْزومِ، هي الجمعُ بين معنى التَّسَبُّبِ ومعنى الشّرط، وأنّه يرجعُ إلى محسِّنِ الاحْتِباك، فكأنّه قال: (لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصدّقَ وأكونَ مِن الصّالحين، وإنْ تُؤَخِّرْني إلى أجلٍ قريبٍ أصّدّقْ وأكنْ مِن الصّالحين)، ثم قال: "ومِن لطائفِ هذا الاستعمالِ أنّ هذا السّائلَ بعد أنْ حثَّ سُؤالَه، أَعْقَبَه بأنّ الأمرَ مُمْكن، فقال: إنْ تُؤَخِّرْني إلى أجلٍ قريبٍ أصّدّقْ وأكنْ مِن الصّالحين، وهو مِنْ بدائعِ الاسْتِعْمالِ القُرْآنيِّ لقصدِ الإيجازِ، وتوفيرِ المَعاني"([138])
وهذا التّوجيهُ هو، فيما يَبْدو، أَسْلَمُ ما في الـمَسْألةِ؛ لسببٍ واحدٍ هو أنّه، وإنْ احتملَ الشّرطَ، إلا أنه أَبْقى للحرفِ الـمُسْتَعْمَل معناه، وهو الطّلب، ومِنْ ثمّ، بَنى تفسيرَه على زَيْدِ الشّرطِ على ما يجبُ اعتبارُ بقائِه، فانْتهى إلى فكرةِ الاحْتِباكِ تلك، ويَبْقى تفسيرُه هذا مُعَرَّضاً للنّظر، فإمّا أنْ يُرْتَضَى، وإمّا أنْ يُؤْتى بخيرٍ مِنْه.
ولكنّ ما ينبغي التفطُّنُ إليه هو أنّ الشّرطَ هو محلُّ النّظر، لا الطّلب؛ لقيامِ اللّفظِ الدّالِّ على الطّلب، وعدمِ قيامِ اللّفظِ الدّالِّ على الشّرط إلا ظنّاً، وأمّا الجزمُ في (أكن) فمُحْتَمِلٌ للشّرطِ، ولغيرِه، كالتّرخُّصِ، مثلا، ويدلُّ على هذا أنّه في الإمْكانِ القولُ في توجيهِ الشّيخِ ابْنِ عاشورٍ إنّ القولَ بأنّ هذا السّائلَ بعد أنْ حثّ سُؤالَه أعْقَبَه بأنّ الأمْرَ ممكنٌ؛ أيْ: (إنْ تُؤَخِّرني أكُنْ) هو كلامٌ أَشْبَهُ بالـمَنْطِقِ منه بالتفسير؛ ذلك أنّ تصوُّرَ الإمكانِ في وُقوعِ صلاحِه، بعد التأخيرِ، حاصلٌ في الطّلب بـ (لولا)؛ لأنّه لا يَطْلبُ إلا مُـمْكناً، والله أعْلَم، فإذا سُلِّمَ لهذا ازْدادَ احْتِمالُ الشّرطِ في الكلامِ بُعْداً، وآلَ التَّوْجيهُ إلى القولِ بالتّرخُّصِ، كما تقدّم، والله أعْلَم.
- ·خَاتمةٌ ونتائجُ وتَوْصِيات:
إنّا قد سَعَينا، مِنْ خلالِ دراسةِ هاتين الـمَسْألتين، إلى البرهنةِ على أنّ النّحوَ العربيَّ بكلِّ مَقُولاتِه وقوانينِه، لا يَعْدو كَوْنَه واحدةً مِنْ حُزْمةِ الآلاتِ التي يُطْلَبُ بها تفسيرُ القرآنِ الكريمِ، وفَهْمِ خِطابِه، وذلك بإثباتِ ضرورةِ أنْ يُتَوَقَّفَ عند كلِّ موضِعٍ مما يَشِذُّ عن قواعِدِه، فلا يُلْزِمُه مِن التّوجيهِ ما تَتَأَذّى به قواعدُ التّفسيرِ، وأصُولُه، وذلك امتثالاً لحقيقةٍ ضروريةٍ للفهمِ، هي أنّ لغةَ القرآنِ الكريمِ أوْسَعُ مِنْ قواعدِ النُّحاةِ؛ بما تتوفّرُ عليه مِنْ وجوهٍ لهجيّةٍ، غيرِ اللّهجةِ التي بَنَوْا عليها قواعدَهم، وهي لهجةُ قُرَيْش، والقرآنُ قُرشيُّ اللّسانِ في أغلبِ ذلك، لا في إطلاقِه، فيجبُ أنْ يعرفَ هذا النّحويُّ، ويجبُ أنْ يُلِمَّ بهذا الـمُفَسِّرُ كذلك.
والشّاذُّ في لغة القرآنِ هو إمّا لهجةٌ؛ فيتعينُ، عِند ثُبُوتِ ذلك بالنّقلِ الصّحيح، أنْ يُفَسَّرَ في ضَوءِ قوانينِها التي تدلُّنا عليها كُتُبُ اللّغة.
وإمّا هو غيرُ لهجةٍ فيطلبُ له مِن التّوجيهِ ما يَتَماشى والضّوابطَ الـمَوْضُوعةَ للتفسير؛ كنحوِ ما قدْ رأينا مع حملِ الـمسألةِ الثّانيةِ مِن هذا البحث، على التّرخُّصِ عِند أمْنِ اللّبس؛ فإنّها خيرٌ مِن القولِ بالتّوهُّم؛ لِـمَا فيها مِن البراءةِ مِن افتراضِ الـمعنى بغيرِ مُوجِب.
وعَلى هذا، فأهَمُّ ما انْتَهَيْنا إليه هو:
1- إنّ صِلةَ التّفسيرِ باللّغةِ، وعُلُومِها، هي صلةُ الغايةِ بالوسيلة، بلْ، بواحدةٍ مِنْ وسائِلها.
2- إنّ مِنْ مَشْمولاتِ عُدَّةِ الـمُفسِّرِ اللُّغويّةِ العلمَ بما هو مِنْ مقولاتِ النّحو، وما هو مِن مقولاتِ اللّغة، ثم يَنْظُرُ في أيِّ الحقلين تَتَنَزَّلُ الـمَسْألةُ التي يَطْلُبُ تخريجَها.
3- إنّ إلزامَ الشّاذِّ نحويّاً بالدّخولِ في قاعدةِ النّحوِ هُو مَوْقفٌ مَعيبٌ مَنْهجيّاً؛ لأنّه كالجمعِ بين الضّدّين، أو هو كذلك؛ ذلك أنّ الشّذوذَ خُروجٌ، والتّوجيهُ دخولٌ في مُوجبِ القاعدة.
4- إنّ كلَّ توجيهٍ يقومُ على تجاوزِ القرآنِ لحدودِ لغةِ قُرَيْش، وعلى مُراعاةِ قواعِدِ التّفسيرِ في كُلِّيَّتِها هو، لا شكّ، توجيهٌ مَتْبُوع.
5- وإنّ كلَّ توجيهٍ يقومُ على تحكيمِ أصولِ الجزء (= الصّناعة النّحوية)، في أصولِ الكُلِّ (= الـمَعْرفة اللّغوية)، أيْ تحكيمُ أصولِ لغةِ قريشٍ في أصولِ كلِّ لُغاتِ العربِ، هو توجيهٌ مَدْفوع.
6- وإنّ كلّ توجيهٍ يَرْعى في الشّاذِّ النّحويِّ الذي لا تُفَسِّرُه اللَّهْجةُ عدمَ افتراضِ الـمَعْنى في مُفادِ عِبَارته، هو كذلك توجيهٌ مَتْبُوع، وما بخلافِه فهو الـمَدْفُوع.
وبعدُ، فيُوصِي هذا البحثُ بما يَلي:
- توسيعُ الحديثِ في الأصولِ اللّغويةِ إلى التّفريقِ بين مَنْهَجَيْ اللّغويين والنُّحَاة على نحوِ ما هو مُبَيَّنٌ في الدِّراساتِ الرّائدةِ في هذا المجال.
- إلزامُ الـمُفَسِّرِ بهذا حين يَدْرُسُ لغةَ القُرآنِ، وإلزامُ اللُّغويِّ به حين يُشاركُ في التّفسير.
- إدراجُ نظريةِ التّرخُّصِ عِنْد أمْنِ اللَّبْسِ ضِمنَ عُدَّةِ الـمُفَسِّرِ اللّغويّةِ لـمَا فيها مِنْ صيانةٍ للتّفسيرِ التي هي الغايةُ الـمَطْلوبةُ، والـمَثابةُ الـمَثُوبة.
- اتّخاذُ نتائجِ هذا البحثِ أساساً للدّعوةِ إلى بحثٍ علميٍّ يحيطُ بكافّة التّوجيهاتِ النّحويّةِ للمَواضِعِ الـمَوْسُومةِ بالشُّذُوذِ النّحويِّ في القرآنِ الكريمِ، وقراءاتِه.
والله الـمُوَفِّقُ لِلجَميع.
- ·قَائمةُ المَصَادرِ والمَراجِعِ المُعْتَمَدة:
1- الاتّجاهاتُ المُنْحرفةُ في تفسيرِ القُرآنِ الكريم، دَوافِعُها ودَفْعُها، د. محمد حسين الذهبي، مكتبة وهبة، مصر، الطبعة الثالثة، 1406ه، 1986.
2- اجْتِهاداتٌ لُغويّة، د. تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1428ه، 2007.
3- الاحْتِمالاتُ اللّغويةُ المُخِلَّةُ بالقطعِ، وتعارضُها عِند الأصُوليين، د. كيان أحمد حازم يحي، الكتاب الجديد، دار المدار الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، يناير 2013.
4- الأدواتُ النّحْويةُ في كُتُبِ التّفْسير، د. محمود أحمد الصغير، دار الفكر، دمشق، سورية، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، رجب 1422ه، سبتمبر 2011.
5- الأصُولُ، دراسةٌ ابستمولوجيةٌ لأصُولِ الفِكرِ اللُّغويِّ العَربيّ، د. تمام حسان، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب، طبعة 1411، 1991.
6- أُصُولُ النّحو، دراسةٌ في فكرِ الأنْباري، د. محمد صالح قاسم، دار السلام، مصر، الطبعة الأولى، 1427ه، 2006.
7- بُحُوثُ المُؤتمرِ العالَميِّ للباحثين في القُرآنِ الكريمِ وعُلُومِه، في موضوع: "بناءُ علمِ أصولِ التّفسير: الواقعُ والآفاق" أيّام: 19/20/21 جمادى الثانية 1436ه، 9/10/11 أبريل 2015 فاس، المغرب.
8- البَيانُ في روائعِ القرآنِ، دراساتٌ لغويّةٌ وأسلوبيةٌ للنصِّ القُرآنيّ، د. تمام حسان، عالـم الكتب، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1430ه، 2009.
9- التّحريرُ والتّنويرُ في التّفسير (=تفسيرُ ابْنِ عاشور)، لمحمّد الطاهر بن عاشور التونسي، (ت1394ه)، مؤسسة التاريخ، بيروت، 1420ه، 2000.
10- تَشْنيفُ المَسامِعِ لجمعِ الجوامِع لتاج الدّين السُّبْكي، لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي الشافعي، (ت794ه)، تحقيق: أبي عمرو الحسيني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1420ه، 2000.
11- تَعارُضُ ما يُخِلُّ بالفهمِ وأثَرُهُ في الأحكامِ الفِقْهية، د. شكري حسين راميش البوسنوي، دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى، 1421ه، 2000.
12- التَّعْريفاتُ، لعلي بن محمد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي، المتوفى عام 816ه، حققه وعلّق عليه نصرالدين تونسي، شركة القدس المتحدة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2007.
13- تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ، دراسةٌ تاريخيةٌ ونظريّة، د. محمد قجوي، الرابطة المحمدية للعلماء ومركز الدراسات القرآنية، الرباط، المغرب، طبع مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى 1436ه، 2015.
14- التّفكيرُ العِلميُّ في النّحوِ العربيّ، الاسْتقراءُ، التّحليلُ، التّفسير، د. حسن خميس الملخ، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمّان الأردن، الطبعة الأولى، 2002.
15- تَمّام حسّان، رائداً لغويّاً، بحوثٌ ودراساتٌ مُهْداةٌ من تلامذتِه وأصدقائِه، (=كتاب تذكاري)، إعداد وإشراف: الدكتور عبد الرحمن حسن العارف، عالم الكتب، مصر، الطبعة الأولى، 1423ه، 2002.
16- التناصُّ القُرآنيّ، دراسةٌ في أشكالِ العلاقةِ بين الآياتِ القرآنيةِ الكريمة، ياسر رضوان، أفريقيا الشرق، المغرب، 2013.
17- التّوهُّمُ، دراسةٌ في كتابِ سِيبويه، راشد أحمد جراري، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، تصدر عن مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد السادس والستون، السنة السابعة عشر، ربيع 1999.
18- التّوهُّمُ عِند النُّحاة، د. عبد الله أحمد جاد الكريم، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1422ه، 2001.
19- الجامعُ لأحكامِ القُرْآن (=تفسير القرطبي)، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، تقديم: هاني الحاج، حققه وخرج أحاديثه عماد زكي البارودي، وخيري سعيد، المكتبة التوفيقية، القاهرة، مصر، الطبعة العاشرة، 2012.
20- حُجّةُ القِراءات، لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، تحقيق: سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة، 1997.
21- الخَصَائِص، لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق: محمد علي النجار، المكتبة العلمية، الطبعة الثانية، 1952.
22- الخطابُ القرآنيُّ ومناهجُ التّأويلِ، نحوَ دراسةٍ نقديةٍ للتأويلاتِ المُعَاصرة، الدكتور عبد الرحمن بودراع، الرابطة المحمدية للعلماء، ومركز الدراسات القرآنية، المغرب، الطبعة الأولى، 1434ه، 2013.
23- الدّراساتُ اللّغويّةُ عند العربِ إلى نهايةِ القرنِ الثّالِث، محمد حسين آل ياسين، منشورات دار ومكتبة الحياة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1400ه، 1980.
24- دراساتٌ مُصْطَلَحِيّة، مجلة حولية محكمة تصدر بالتعاون بين مؤسسة البحوث والدراسات العلمية ومعهد الدراسات المصطلحية، المغرب، عدد مزدوج، (= العدد الثالث عشر والرابع عشر)، 1435ه-1436ه، 2013-2014.
25- الرِّوايةُ والاسْتِشْهادُ باللُّغة، د. محمد عيد، عالم الكتب، القاهرة، 1976 (د-ت).
26- روحُ المَعاني في تفسيرِ القرآنِ العظيمِ والسَّبْعِ المَثَاني، لأبي الفضل شهاب الدين السّيّد محمود الألوسي البغدادي، تحقيق وتخريج: د. السيد محمد السيد و سيد إبراهيم عمران، دار الحديث، القاهرة، 1426، 2005.
27- سُنَنُ ابْنِ ماجَة، لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، المتوفى سنة 273ه، دار ابن الجوزي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2011.
28- سُنَنُ التّرمذيّ (=الجامعُ الصّحيح)، لأبي عيسى أحمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة 279ه، دار ابن الجوزي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2011.
29- ضَوابطُ في فهمِ النّصّ، د. عبد الكريم حامدي، كتاب الأمة، سلسلة دورية تصدر كل شهرين عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد 108، رجب 1426ه، السنة الخامسة والعشرون، الطبعة الأولى، سبتمبر 2005.
30- فُروقُ اللّغاتِ في التّمييزِ بين مُفَادِ الكَلِمات، لنور الدين بن نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري، حققه وشرحه: د. محمد رضوان الداية، مكتب نشر الثقافة الإسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، 1415ه،
31- فِقْه اللّغةِ وسِرُّ العربية، لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي النيسابوري، (ت429ه)، تحقيق: خالد فهمي، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1418ه، 1998.
32- القاعِدةُ النّحويّة، دِراسةٌ نَقْديةٌ تَحْليلية، د. أحمد عبد العظيم عبد الغني، كلية دار العلوم، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1410ه، 1990.
33- القياسُ في اللّغةِ العربية، د. محمد حسن عبد العزيز، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1415ه، 1995.
34- الكتابُ، (=كتابُ سِيبويه)، لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، (ت180ه)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 1408ه، 1988.
35- الكُلِّيّات، مُعْجمٌ في المُصْطلحاتِ والفُرُوقِ اللّغوية، لأبي البقاء ايوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، المتوفى سنة 1094ه، تحقيق: د. عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة ناشرون، دمشق، سوريا، الطبعة الثانية 1432ه، 2011.
36- لسانُ العَرب، لابن منظور، (630ه-711ه)، تحقيق: ياسر سليمان أبو شادي، مجدي فتحي السيد، المكتبة التوفيقية، مصر (د-ت).
37- اللّغةُ العربيّةُ مَعْناها ومَبْناها، د. تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1418ه، 1998.
38- لُغَةُ القرآنِ الكريم، د. عبد الجليل عبد الرحيم، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، الأردن، (د-ت).
39- مَتْنُ ألفيةِ ابْنِ مالكٍ في النّحوِ والصّرف، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي، دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى، 1423ه، 2002.
40- مُشْكلُ إعرابِ القُرْآن، لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني، (355ه، 437ه)، حققه وعلق عليه: ياسين محمد السواس، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، بيروت، الطبعة الثالثة، 1423ه، 2002.
41- مَعَاني الحُروف، لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني، حققه وخرج حديثه وعلق عليه الشيخ عدنان بن سليمان العشا حسونة الدمشقي، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، الطبعة الأولى 2005.
42- مَعاني القِراءَات، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، المتوفى، سنة 270ه، تحقيق: محمد بن عيد الشعباني، دار الصحابة للتراث بطنطا للنشر والتحقيق والتوزيع، القاهرة، 2007.
43- مَعاني القُرآنِ وإعْرابُه، لأبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، المتوفى سنة 311ه، شرح وتحقيق: عبد الجليل عبده شلبي، خرج أحاديثه الاستاذ علي جمال الدين محمد، دار الحديث، القاهرة، 1424ه، 2004.
44- مُغْني اللَّبِيبِ عنْ كُتُبِ الأعاريب، لأبي محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري، (ت 761ه)، تحقيق: حسن حمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418ه، 1998.
45- مَفاتيحُ التَّفْسير، مُعْجمٌشاملٌ لِما يَهُمُّ المُفَسِّرَ معرفتُه مِن أُصُولِ التّفسيرِ وقواعِدِه، ومُصْطَلَحاتِه، ومُهِمّاتِه، أ.د محمد سعد الخطيب، دار التدمرية، دار ابن حزم، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1431ه، 2010.
46- مَفاتيحُ الأغاني في القِراءاتِ والمَعَاني، لأبي العلاء الكرماني، المتوفى بعد 563ه، دراسة وتحقيق الدكتور عبد الكريم مصطفى مدلج، تقديم: محسن عبد الحميد، دار ابن حزم، مصر، الطبعة الأولى، 2002.
47- مُقدِّمةٌ في أُصُولِ التّفسير، لتقي الدين أحمد بن عبد الحليم الحراني، (661ه-728ه)، دار الفجر، الجزائر، 1422ه، الطبعة الأولى، 2001.
48- مِنَ القضايا الكُبْرى في القِراءاتِ القُرآنية، د. محمد حسن حسن جبل، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1433ه، 2012.
49- مَنْهجُ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، د. عبد الرحمن بودرع، كتاب الأمة، سلسلة دورية تصدر كل شهرين عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد 111، المحرم 1427ه، فبراير 2006.
50- المُوافَقَات، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي المالكي، (ت 790ه، تحقيق: لبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1417ه، 1997.)
51- النّحْوُ العربيُّ، نَشْأَتُه، تَطوُّرُه، مَدارسُه، رِجالُه، د. صلاح رواي، دار غريب، القاهرة، 2003.
52- النصُّ الشّرعيُّ وتأويلُه، الشّاطبيُّ أنموذجاً، د. صالح سبوعي، كتاب الأمة، سلسلة دورية تصدر كل شهرين عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد 117، المحرم 1428ه، السنة السابعة والعشرون، الطبعة الأولى، فبراير 2007.
53- النّظريةُ اللّغويةُ في التّراثِ العَربيّ، د. محمد عبد العزيز عبد الدائم، دار السلام، مصر، الطبعة الأولى، 2006.
54- النَّهْرُ المادُّ مِن البحرِ المُحِيط، (=تفسير أبي حيان)، لأبي حيان الأندلسي، المتوفى سنة 754ه، تقديم وضبط: بوران وهديان الضناوي، مؤسسة الكتاب الثقافية، دار الجان، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1987.
55- هَمْعُ الهَوامع في شَرْحِ الجَوامع، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي، (ت 911ه)، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1424ه، 2001.
[1])) مِنْ أصولِ التّفسير اللّغويّةِ إلى البِناءِ النّصّي، 1/422.
[2])) ضَوابطُ في فَهْمِ النّصّ، ص: 124.
[3])) النّصُّ الشّرعيُّ وتأويلُه، الشّاطبيُّ أنموذجاً، ص: 47.
[4])) ضَوابطُ في فَهْمِ النّصّ، ص: 118.
[5])) مَنْهجُ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، ص: 36، والخطابُ القرآنيُّ ومَنَاهجُ التّأْويل، ص: 184.
[6])) دِراساتٌ مُصْطَلَحِيّة، ص: 11.
[7])) تَشْنيفُ الـمَسَامِع، 1/220.
[8])) مَفاتيحُ التَّفْسِير، 1/454.
[9])) الكُلِّيَّات، ص: 300.
[10])) الاحْتِمالاتُ اللُّغَويّة، ص: 350.
[11])) الكُلِّيَّات، ص: 300.
[12])) مَفَاتِيحُ التَّفْسِير، 1/453.
[13])) الكُلِّيّات، ص: 300.
[14])) تَشْنيفُ الـمَسَامِع، 1/228، والاحْتِمالاتُ اللُّغَويّةُ الـمُخِلّة بالقَطْع، ص: 353.
[15])) تَعارُضُ ما يخلُّ بالفَهْم، ص: 53 ، والاحْتِمالاتُ اللُّغَويّةُ الـمُخِلَّةُ بالقَطْع، ص: 353.
[16])) مُقَدِّمَةٌ في أُصُولِ التَّفْسِير، لابْنِ تَيْمِيّة، ص: 47.
[17])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِناءِ النّصّي، 1/423، والاتّجاهاتُ الـمُنْحرفةُ في تَفْسِيرِ القُرْآن، د. محمّد حُسين الذّهبي، ص: 20.
[18])) مَفَاتيحُ التَّفْسِير، 1/453.
[19])) ضَوَابطُ في فَهْمِ النّصّ، ص: 124.
[20])) تَفْسِيرُ القُرْآنِ بالقُرْآن، د. محمّد قجوي، ص: 108.
[21])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويةِ إلى البِناءِ النّصّي، 1/424.
[22])) تَفْسِيرُ القُرْآنِ بالقُرْآن، ص: 325.
[23])) تَفْسِيرُ القُرْآنِ بالقُرْآن، ص: 329.
[24])) الجامِعُ لأحْكامِ القُرْآن، للقُرْطُبي، 15/77.
[25])) يُنْظَرُ الـمَزِيد في: التَّنَاصُّ القُرْآنيُّ، د. ياسر رضوان، ص: 157.
[26])) مَفَاتيحُ التَّفْسِير، 2/581.
[27])) مَنْهَجُ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، ص: 39، هذا، ومِنْ أَشْهَرِ كُتُبِ هذا الفَنِّ ما يَلي:
- الوُجُوهُ والنّظائرُ في القُرْآنِ العَظِيم، لِـمُقاتِلِ بْنِ سُلَيْمانِ البَلْخِيّ، (ت 150 ه).
- الوُجُوهُ والنَّظائِرُ في القُرْآنِ الكريم، لهارونِ بْنِ مُوسى (ت 170ه).
- تحصيلُ نَظَائرِ القُرْآن، لأبي عَبْدِ الله محمّدٍ بْنِ عليٍّ بنِ حَسَنٍ التّرمِذِيّ (ت 320 ه).
- تَصْحيحُ الوُجُوهِ والنَّظَائِر، لأبي هِلالٍ العَسْكَريّ (ت 395 ه).
- وُجُوهُ القُرْآن، لإسماعيلَ بنِ أحمدَ الضَّرير النَّيْسابُوريّ (ت 430 ه). .../...
- نُزْهةُ الأَعْيُنِ النَّواظِرِ في عِلْمِ الوُجُوهِ والنَّظَائر، لجمالِ الدّين أبي الفرجِ عبدِ الرّحمنِ بنِ الجوْزيّ (ت 597 ه).
- إصْلاحُ الوُجُوهِ والنّظائرِ، للحُسَيْنِ بْنِ محمّدٍ الدّامِغَانيّ (ت 618 ه)، يُنْظَر: التّناصّ القُرْآنيّ، ص: 156.
[28])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِير اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/425.
[29])) يُنْظَرُ مُفَصَّلاً: الاحْتِمالاتُ اللُّغَويّةُ الـمُخِلَّةُ بالقَطْع، ص: 304.
[30])) ضَوَابطُ في فَهْمِ النّصّ، ص: 89.
[31])) يُنْظَرُ كلُّ ذلك مُبَيَّناً في: الخطابُ القُرْآنيُّ ومَنَاهِجُ التّأْويل، د. عَبْد الرّحمن بودرع، ص: 110.
[32])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النَّصّي، 1/429.
[33])) النَّصُّ الشَّرْعيُّ وتأْوِيلُه، ص: 82.
[34])) مَنْهَجُ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، ص: 38.
[35])) يُطْلَبُ مُفَصَّلاً في: مَنْهَجِ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، ص: 30.
[36])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، ص: 432.
[37])) يُنْظَرُ مُفَصَّلاً في: التَّنَاصُّ القُرْآنيُّ، د. ياسر رضوان، ص: 01.
[38])) التَّفْسيرُ البَيَانيُّ للمُتَشَابِهِ اللَّفْظيّ، ضَرورةُ الـمُرَاجَعَةِ والضَّبْط، د. نصر الدّين وهّابي، أعمالُ المؤتمرِ العالميِّ الثّالثِ للباحِثين في القُرْآنِ الكريمِ وعُلُومِه، 1/617.
[39])) يُنْظَرُ مَثَلاً:
- مَنْهَجُ السِّياقِ في فَهْمِ النّصّ، د. عَبْد الرّحمن بودرع.
- السِّياقُ والـمَعْنى، دِراسةٌ في أَسَاليبِ النَّحْوِ العَرَبيّ، د. عَرَفَات الـمَنّاع.
- السِّياقُ ودلالَتُه في تَوْجِيهِ الـمَعْنى، فَوْزي إبراهيم عَبْد الرزّاق.
- دَلالةُ السِّياقِ عِنْدَ الأُصُولِيّين، سَعْدُ بْنُ مُقْبِلٍ بنِ عِيسى العَنْزيّ.
- الدَّلالةُ السّياقيّةُ عِنْد اللُّغَوِيّين، عَوَاطِف كنّوش مصطفى.
- دَلالةُ السِّياقِ القُرْآنيِّ وأثرُها في التّفسير، د. عَبْد الحكيم بنُ عبد الله القاسم.
[40])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/428.
[41])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويَّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/429.
[42])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/429.
[43])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِناءِ النّصّي، 1/430.
[44])) يُنْظَرُ مُفَصَّلاً: مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/432.
[45])) الخصائِص، 1/34.
[46])) مَفَاتِيحُ التَّفْسِير، 2/610.
[47])) التَّعْريفاتُ، ص: 251 والكُلّيّات، ص: 530 ، وفُرُوقُ اللُّغاتِ في التَّمْييزِ بَيْن مُفَادِ الكَلِمَات، للجَزَائريّ، ص: 172.
[48])) الأُصُولُ، دِراسةٌ ابستمولوجيّةٌ لأصولِ الفِكْرِ اللُّغَويِّ العَربيّ، د. تمّام حسّان، ص: 13، والقاعِدةُ النَّحْويّة، ص: 09.
[49])) التَّفْكيرُ العِلْمِيُّ في النَّحْوِ العَرَبيّ، د. حَسَن خميس الـمَلْخ، ص: 67.
[50])) التَّفْكيرُ العِلْميُّ في النَّحْوِ العَرَبيّ، ص: 69.
[51])) الرِّوايةُ والاسْتِشْهادُ باللّغة، د. محمّد عِيد، ص: 185.
[52])) القَاعِدةُ النَّحْويّة، ص: 22.
[53])) الأُصُول، د. تمّام حسّان، ص: 63.
[54])) الأُصُول، ص: 144، والقَاعِدةُ النَّحْوِيّة، ص: 25.
[55])) يُنْظَرُ: لُغَةُ القُرآنِ الكريم، د. عَبْد الجلِيل عَبْد الرّحيم، ص: 39.
[56])) يُنْظَر: مِنَ القَضَايا الكُبْرى في القِراءاتِ القُرْآنية، ص: 05.
[57])) يُنْظَرُ مُفَصَّلاً: النّظريّةُ اللُّغَويّةُ في التُّراثِ العَربيّ، د. محمّد عَبْد العَزيز عَبْد الدّائم، ص: 60.
[58])) الخصَائِص، 1/97، وأُصُولُ النّحو، ص: د. محمّد صالح سالـم، ص: 317، والقِياسُ في اللُّغةِ العَربية، د. محمّد حَسَن عَبْد العزيز، ص: 26.
[59])) طَبَقاتُ النَّحْوِيّين واللُّغَوِيّين، للزَّبِيديّ، ص: 31.
[60])) الـمُزْهِرُ في عُلُومِ اللُّغَة، للسُّيُوطيّ، 1/184.
[61])) لُـمَعُ الأدلّةِ في أُصُولِ النَّحْو، ص: 81، وأُصُولُ النَّحْو، ص: 315.
[62])) القَاعِدةُ النَّحْويّة، ص: 14.
[63])) القَاعِدةُ النَّحْويّة، ص: 16.
[64])) القَاعِدَةُ النَّحْويّة، ص: 17.
[65])) القَاعدةُ النَّحْويّة، ص: 09.
[66])) النّحوُ العَربيُّ، د. صَلاح روّاي، ص: 131.
[67])) فالبَصْرِيُّونَ بَنَوْا اسْتِقْراءَهم على اللُّغَةِ الأدبِيّةِ الـمُشْتَركة؛ لأنّ عَمَلَهم محصورٌ في نطاقِ النَّحْوِ، وأساسُهُ الاطِّرادُ، والكُوفِيُّون جمعوا إلى لُغَةِ قُرَيْشٍ لهجاتِ العربِ الأُخْرى؛ لأنّ عمَلَهم يَتَّسِعُ للنِّطاقِ اللُّغويِّ العَربيِّ كلِّه، يُرَاجَعُ مُفَصَّلاً: الدِّراساتُ اللُّغَويّةُ عِنْد العَرَب، د. محمّد حُسَين آل يَاسِين، ص: 328.
[68])) يُنْظرُ مُفَصَّلاً في: الأُصُول، د. تمّام حسّان، ص: 98.
[69])) مَتْن الألْفِيّة، ص: 32 .
[70])) مَعَاني الحُرُوفِ، للرُمَّاني، ص: 69.
[71])) البَيْتُ لعبدِ الله بْنِ قيسٍ الرُّقِيّات، ديوانُه: 66. وهُو مِنْ شَوَاهِدِ كتابِ سِيبَوَيْه، 1/475، وخزانةُ الأدَب، 4/487.
[72])) يُنْظَر: رُوحُ الـمَعَاني، لِلألُوسيّ، م8، 16/741.
[73])) مَعَاني القُرْآنِ وإعْرابُه، للزّجّاج، 3/296.
[74])) مَعَاني الزّجّاج، 3/296. وخزانةُ الأدَب، 3/130، وفِقْهُ اللُّغَة، للثّعالبيّ، ص: 357.
[75])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/742.
[76])) مُشْكِلُ إعْرابِ القُرْآن، لِـمَكّي بنِ أبي طالبٍ القَيْسيّ، ص: 439.
[77])) رَوَاهُ التّرمذيُّ في "بابِ ما جاءَ في الكفافِ والصَّبْر عليه"، (حَدِيث رقم: 2347)، ص: 431، ورَواهُ ابْنُ مَاجة بلفظِ (إنّ أغْبَطَ النّاسِ عِنْدي مُؤْمِن)، بغير لامٍ، في "بابِ مَنْ لا يُؤْبَه له"، (حديث رقم: 4117)، ص: 428.
[78])) حُجّة القِراءات، لابْنِ زَنْجِلة، ص: 456.
[79])) مَعَاني القِراءَات، ص: 310.
[80])) مُشْكِلُ إعرابِ القُرْآن، ص: 440.
[81])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/742.
[82])) مُشْكلُ إعرابِ القُرْآن، ص: 440.
[83])) مَعَاني القُرْآنِ وإعْرابُه، 3/295.
[84])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/742.
[85])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/742.
[86])) النَّهْرُ الـمَادّ، لأبي حيّانٍ الأندَلُسِيّ، 2/427.
[87])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/743.
[88])) مَعاني الحُرُوف، ص: 123.
[89])) قَرَأَ بها أَبُو عَمْرو بْنُ العَلاء، يُنْظَرُ: الجامِع، 11/157، ومَعَاني القِرَاءات، ص: 310، ورُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/744.
[90])) لِسَانُ العَرب، 5/03.
[91])) لِسَانُ العَرب، 5/03.
[92])) النَّهْرُ الـمَادّ، 2/427، ورُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/743.
[93])) مُشْكلُ إعْرابِ القُرْآن، ص: 439، ونَسَبُوه إلى هَوْبَرَ الحارثيّ، يُنْظَر: لِسَانُ العَرَب، مادّة (هبا)، وهمع الهوامع، 1/40، وشَرْحُ الـمُفَصَّل، 3/128.
[94])) مَعَاني القُرْآنِ وإعرابُه، 3/295، والبيتُ للمُتَلَمِّس، يُنْظَرُ: شَرْحُ الـمُفَصَّل، 3/128، ولِسَانُ العَرب، مادّة (صمّم)، والنَّهْر الـمَـادّ، 2/427، ومَعَاني القِراءاتِ، ص: 311. ومُشْكِلُ إعْرابِ القُرْآن، ص: 439.
[95])) النَّهْرُ الـمَادّ، 2/427.
[96])) مَفَاتيحُ الأغَاني، ص: 273.
[97])) مَعَاني القُرآنِ وإعرابُه، 3/295.
[98])) مُشْكِلُ إعرابِ القُرْآن، ص: 439.
[99])) رُوحُ الـمَعَاني، م8،16/743.
[100])) مَعاني القُرْآن، 3/296، ويُنْظَر: مَعَاني القِراءاتِ، ص: 311.
[101])) تمّام حسّان، رائداً لغويّاً، ص:37، والقَاعِدةُ اللُّغَويّة، ص: 21.
[102])) مِنَ القَضَايا الكُبْرى في القِراءاتِ القُرْآنيّة، د. محمّد حَسَن حَسَن جَبَل، ص: 19.
[103])) مَفَاتيحُ التَّفْسِير، 2/581.
[104])) يُنْظرُ: تَفْسِيرُ القُرْآنِ بالقُرْآن، ص: 158.
[105])) مَنْهَجُ السِّياقِ في فَهْمِ النَّصّ، ص: 38، والخطابُ القُرْآنيُّ ومَنَاهِجُ التّأْويل، ص: 185، والنَّصُّ الشَّرْعيُّ وتأويلُه، صَالح سبوعي، ص: 52 و 72.
[106])) رُوحُ الـمَعَاني، م8، 16/741.
[107])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويَّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/437.
[108])) مِنْ أُصُولِ التَّفْسِيرِ اللُّغَويّةِ إلى البِنَاءِ النّصّي، 1/438.
[109])) يَنْقُلُ السُّيُوطيُّ عَنْ أبي حَيَّانٍ، في الاقْتِراحِ، والإتْقَانِ، قولَه: "ولَسْنا مُتَعَبَّدينَ باتِّباعِ جُمْهُورِ البَصْرِيّين، بَلْ نَتَّبِعُ الدّليل"، الإتْقان، 2/384، ويُنْظَر: القَاعدةُ النَّحْويّة، ص: 20. ويَقُولُ ابْنُ جِنّي، في الخصَائِص: "النَّحْوُ عِلْمٌ مُنْتَزَعٌ مِن اسْتِقْراءِ هذه اللُّغةِ فكلُّ مَنْ فَرَقَ له عَنْ عِلَّةٍ صحيحةٍ، وطريقٍ نَهْجَةٍ كان خَليلَ نَفْسِه، وأَبا عَمْرو فِكْرِه" الخصائص، 1/189.
[110])) تَفْسيرُ القُرْآنِ بالقُرْآن، د. محمّد قجوي، ص: 442.
[111])) يُنْظَر: أَصْلِ تَفْسِير القُرْآنِ بالقُرْآن، مَفْهُومُه وضَوابِطُه، 1/252، ومَفَاتيحُ التَّفْسِير، 1/364.
[112])) الاتّجاهاتُ الـمُنْحَرفةُ في تَفْسِير القُرْآن، دَوافِعُها ودَفْعُها، ص: 16 و ص: 39.
[113])) مُشْكلُ إعْرابِ القُرْآن، ص: 626.
[114])) الحُجَّةُ لِلْقُرّاءِ السَّبْعة، 2/415.
[115])) مَعَاني القُرْآنِ وإعرابُه، 5/139، ومَفَاتيحُ الأغَاني، ص: 401.
[116])) مَعَاني القِراءاتِ، ص: 519.
[117])) مَعَاني القِراءاتِ، ص: 519.
[118])) الكِتاب، 1/83، ورُوحُ الـمَعَاني، م14، 27/417.
[119])) رُوحُ الـمَعَاني، م14، 27/417.
[120])) التَّوَهُّم، دِراسةٌ في كِتابِ سِيبَوَيْه، د. راشد أحمد جرّاري، المجلّة العَرَبية للعُلُومِ الإنْسَانية، جامِعة الكُوَيت، العدد 66، السّنة 17، 1999، ص: 76.
[121])) الـمُغْني، 2/97، وشَرْحُ التَّسْهِيل، 1/186.
[122])) دِيوانُه، ص: 106.
[123])) لِسانُ العرب، مادة (نيرب).
[124])) الكِتاب، 1/83.
[125])) يُنْظَرُ مَثلاً: التّوهُّمُ عِنْد النُّحَاة، د. عَبْد الله أحمد جاد الكريم، ص: 34.
[126])) التَّوَهُّمُ عِنْد النُّحَاة، ص: 49.
[127])) التَّوَهُّمُ عِنْد النُّحَاة، ص: 34.
[128])) مَعَاني القُرْآن، 1/334.
[129])) الأدَواتُ النَّحْويّةُ في كُتُبِ التَّفْسِير، ص: 292.
[130])) الكشّاف، 2/456.
[131])) النَّصُّ الشَّرْعيُّ وتأويلُه، د. صالح سبوعي، ص: 73.
[132])) الـمُوافَقَات، للشّاطبي، 3/410، ويُنْظَر: النَّصُّ الشَّرْعِيُّ وتأويلُه، ص: 74.
[133])) مُقَدِّمةٌ في أُصُولِ التَّفْسِير، ص: 47.
[134])) يُنْظرُ: اللُّغةُ العَرَبيةُ مَعْناها ومَبْناها، ص: 176، واجْتِهاداتٌ لُغَويّة، د. تمّام حسّان، ص: 100.
[135])) النَّصُّ الشَّرْعيُّ وتأويلُه، ص: 78.
[136])) اجْتِهاداتٌ لُغَويّة، ص: 100.
[137])) اجْتِهاداتٌ لُغَويّة، ص: 100.
[138])) التَّحْريرُ والتَّنْوِير، 29/254.